لا فات الفوت!

نشر في 11-03-2008
آخر تحديث 11-03-2008 | 00:00
 نايف الأزيمع دعوت في مقال سابق إلى العقل، ولكن يبدو- ومع الأسف- أنه ما من أحد يستمع إلى العقل في بلادنا، أو هو لا يريد، أصلاً، أن يسمع!

عندما انطلق عقال الفتنة من منصة «التأبين»، وجاء رد الصدى يفح من حناجر المتطرفين. قلنا هذا وقت العقل والرأي العاقل. فلتوأد الفتنة في مهدها، ولتصمت أبواق النفير، ولتخمد شرارة السعير... لنعود شعباً واحــــــــداً، يظللنا علم واحد، ويحدنا بحر واحد، ويطربنا نشيد واحد... تغطينا سماء واحدة، وتحتضننا أرض واحدة، وتجمعنا عقيدة واحدة.

ولكن هيهات! فلم يسمع أصحاب القرار، ولم يتداعَ رجالنا الأخيار، وتركوا «القرعى ترعى»... هذا يريد محاكمة المؤبنين، وذاك يريد مقاضاة الرافضين.

لو اتصف الكبار بالحصافة، لما تركوا صبيان الصحافة، يرددون القال والقيل، ويحاولون إشعال الفتيل، ليسيروا في جنازة القاتل والقتيل!

كان على صاحب القرار أن يكون حازماً، وجازماً، وصارماً في وأد الفتنة. كان يجب عليه المنع من البداية، والرفض للتوابع في النهاية، ولست مشاركاً الرأي مع مَن يقول إنها حرية رأي، فلا الحرية تدعونا للفتنة، ولا الرأي الحر يقسمنا شيعة وسنة.

الكويت على شفا هاوية أو تكاد، ولو أن طفلاً أو مخبولاً رمى «جراقيه» لاندلعت- لا سمح الله- فتنة لا يعلم سواه كيف تنتهي... وها هي حرب الإشاعات، والبيانات الكاذبه تلاحقنا من الفردوس والعضيلية إلى المطار، وحتى تصل إلى الشعب والرميثية وبنيد القار!

وأخال نفر من أهل اللحى يسنون سكاكينهم، ويلمعون سيوفهم، من الجانبين، يستذكرون داحس والغبراء، ويتسترون بالعقيدة وهي منهم براء.

عندها لا قدر الله، لو زاد الاحتقان، وانفجر البركان، فقولوا بربكم مَن منا سيكون الرابح والخسران؟!

هذه الديرة الجميلة المطمئنة، الواهبة من دون منّة؛ نفوسها معدودة، ومساحتها محدودة. فلا جبال ولا وديان، ولا غابات ولا خلجان. فكيف يراد لها أن تكون ساحة حرب وطعان؟!

بالطبع أنا أدرك وأفقه وأجزم، أنه ما من كويتي وطني غيور ، يفكر، أو يتصور، أو يتخيل، ناهيك عن أن يخطط، أو يعمل، أو ينفذ مؤامرة للفتنة، أو يسعى إلى بث الفرقة، ويهدف إلى تخريب الوطن وحرقه. ولكن هل ماحدث كله، ويحدث، أو سيحدث عندنا هو بقرار كويتي وطني خالص؟

ألم تثبت التجارب المعاصرة، والقريبة، والآنية أن الخارج هو المحرض والمخطط والمسؤول؟! فمَن خطف «الجابرية» إلى محاولة اغتيال أميرنا الراحل، إلى تفجيرات الإرهابيين و«أسود الجزيرة»! كلها جاءت من خارج الوطن.

من البقاع إلى تورا بورا، وما بينهما! كلهم متطرفون، إرهابيون ومجرمون. لكن الساحة هي الكويت، والمنفذون هم كويتيون، ولو بقيادة أو مشاركة من الآخرين؟! هذا يعني أن وراء الأكمة ما وراءها!

فمَن يبصر نور الحقيقة؟ ومَن يسمع ناقوس الخطر؟ ومَن يرى فنار السلامة؟

إذا كنت قد دعوت إلى العقل، وأدعو الآن إلى سماع صوته. فإن أخشى ما أخشاه أن يأتي يوم يغيب فيه العقل، وحينها.. فلا خير بالدعوة، ولا جدوى من الاستماع!

وكما علمنا آباؤنا «لا فات الفوت ما ينفع الصوت»! أو كما قال أجدادنا: «يا مطوطي بالجليب»!

back to top