أوقفوا هذا العبث!!

نشر في 31-07-2007
آخر تحديث 31-07-2007 | 00:00
 سعد العجمي

أي إقرار يُتخذ بشأن الدستور يجب أن يكون تحت قبة البرلمان، لأن الحديث عن تعديل بعض مواده خارج هذا الإطار، هو انقلاب على المفاهيم الوطنية التي عشنا وتربينا عليها، وهو إساءة لمنظومة استثنائية خاصة ميّزت علاقة الشعب والأسرة الحاكمة في الكويت على مر السنين.

عودة أسطوانة «الحل غير الدستوري» المشروخة للدوران من جديد بترانيمها المقززه التي تصم الآذان، عكست حالة سياسية عاشتها، ومازالت تعيشها، البلاد تكمن في أجواء عدم الثقة المزمنة بين مؤسسة الحكم والمؤسسة التشريعية، وهي أجواء تغديها نظرة ريبة وتوجس دائمة من القيادة السياسية تجاه مجلس الأمة، وكأنه منافس على السلطة، وليس شريكاً في بناء الدولة عبر الرقابة والتشريع التي هي صلب اختصاصاته.

وإذا ما سلمنا بوجود سلبيات ومثالب في العمل النيابي لدينا، وهو نتاج تصرفات فردية في أحيان كثيرة، وجماعية، في أحيان أقل، فإن ما لا نرضاه ولن نسلم به، هو أن تكون تلك السلبيات مبرراً للانقضاض على الدستور والحياه البرلمانية لأي طرف مهما كان موقعه في مؤسسة صنع القرار، لأن في ذلك إخلالاً بنظام الحكم ذاته.

ومن المؤسف، أنه في الوقت الذي يؤكد فيه سمو الأمير، حفظه الله، على تمسك الأسرة الحاكمة بالدستور، وعدم جود نية لحل المجلس حلاً غير دستوري، أن تصدر دعوات لتعطيل الحياه البرلمانية من قبل أطراف في الأسرة الحاكمة، سواء من خلال مجالسهم، أو عبر الأقلام المتنفعة، لأن صدورهم ضاقت ذرعاً بالديموقراطية، إما لفقد مواقع سياسية، وإما لفتح ملفات مكاسب مالية غير شرعية.

قد لا نكون راضين عن الوضع السياسي الحالي وما وصلت إليه العلاقة بين السلطتين، لكن إلقاء تبعات وأسباب ذلك، على مجلس الأمة وحده، هو تجن ٍ«خبيث» يمارس ضد المؤسسة التشريعية، وجنوح نحو تأصيل المشكلة وتغذيتها حتى تصبح غير قابلة للحل، ومن ثم حصر خيارات العلاج، وهو ما تسعى إليه تلك الأطراف لتحقيق أهدافها وطموحاتها حتى لو كان ذلك على حساب استقرار النظام السياسي وعلاقة الأسرة بالشعب.

الدستور ليس قرآناً منزلاً، وتعديل بعض مواده، وفقا لنصوصه، من أجل مزيد من الحريات، هو أمر متوقع سواء الآن أو في المستقبل المنظور، وهي حقيقة يجب الاستعداد لها، شئنا أم أبينا، لكن أي حديث عن التعديل والتنقيح لا يجب أن ينحصر في المجالس المغلقة، ليتم وفق أهواء بعضهم، بل عبر توافق وحوار بين الشعب ممثل في القوى الوطنية والتيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني من جانب، وبين الأسرة الحاكمة ممثلة بشخصيات منتقاة عرفت برجاحة العقل والإيمان بالديموقراطية، من الجانب الآخر. والأهم من ذلك كله أن أي إقرار يُتخذ في هذا الشأن يجب أن يكون تحت قبة البرلمان، لأن الحديث عن تعديل بعض مواد الدستور خارج هذا الإطار، هو انقلاب على المفاهيم الوطنية التي عشنا وتربينا عليها، وهو إساءة لمنظومة استثنائية خاصة ميزت علاقة الشعب والأسرة الحاكمة في الكويت على مر السنين.

على كل، وحسب فهمي الشخصي، فإن ما كان متاحاً لمؤسسة الحكم من مساحة للمناورة في الماضي لقص أجنحة الديموقراطية، لم يعد متوافراً في الوقت الحاضر، في ظل متغيرات سياسية إقليمية، ونضوج في الفهم السياسي لدى الشعب، إضافة إلى فضاء إعلامي مفتوح وفعال سلط مجهره على الكويت كنموذج ديموقراطي في المنطقة. لذا فإن أي حديث عن محاولات بعض الأطراف في الأسره للالتفاف على الدستور هو «عبث» سياسي واجتماعي يجب على القياده العليا إيقافه، بل محاسبة من يقف وراءه.

back to top