كيد

نشر في 06-05-2008
آخر تحديث 06-05-2008 | 00:00
No Image Caption
 محمد الحجيري قالت إحدى الصديقات إن المرأة الجميلة لا تنظر الى جمالها بل تتأمل بشاعة جارتها أو زميلاتها أو ضرّتها، تشمت فيها، لأنها تشعر بالتفوق عليها. لا يستطيع المرء تعميم هذه «الخبرية» النسائية، لكنْ فيها شيء من الصحة، وهي شكل من أشكال ما يسمى بـ«كيد النساء»، هذه العبارة التي تستهوي الكتّاب إذ صدر أكثر من كتاب بهذا العنوان. الجميل في «كيد النساء» أنه من صناعة الحياة.

• • • • • •

يذكرنا «كيد النساء» بكيد الدول، فهي لا تنظر الى جمالها، بل تطمح الى خراب جيرانها، تريدهم أتباعا لها أو تحت سيطرتها، إنه «الحقد الأبدي» الذي أفرزته السياسة. حين يموت الكيد بين الدول تموت السياسة ويصبح العالم مضجراً، وحين يتضخم الكيد، علينا ان نتحسس أهوال الرعب.

• • • • • •

قرأت في أحد الكتب أن «الفتاة التي تفكر كالشاب الذي يضع أحمر شفاه»، استهوتني هذه العبارة مع أنها في قمة التعابير الذكورية، لأنها تحمل مفارقة ما فحسب، ويمكن تردادها في لحظات عابرة لإشعال فتيل الأزمة مع الصديقات أو الزميلات، قلتها لكثيرات، قالت إحداهن إن في ذلك ظلماً كبيراً، وفكرت جيداً، وضحكت. في المقابل قال أحد المثقفين إنه يمقت «رجولة المثقفات» ويقصد اللواتي يشغلهن التفكير، ويتخلين عن أنوثتهن لمصلحة أفكارهن. لكن ما هي حال الفتاة تجاه الشاب الذي يضع أحمر شفاه؟

• • • • • •

بعض الشعراء، إذ يأتون الى المدينة من الباب العريض، يجلسون في المقاهي أو الملاهي ويكثرون من التدخين والتنظير، يظنون أنفسهم أنبياء على الآخرين، يعتبرون أنفسهم فوق كل اعتبار، هذه هي محنتهم جميعاً، إنهم كشيوخ الطريقة يبحثون عن مناصرين أو تلامذة أو مريدين، يريدون «زقيفة» حولهم. ولكنهم لا يشعرون أن الواحد منهم يجلس وحيداً في المرأة، ويتحدث مع نفسه في المرأة، ويكتب لنفسه او للورقة البيضاء التي طالما تحدث عن رهابها.

• • • • • •

«النميمة» هي النتاج الأبرز بين معظم أهل الثقافة، إنها علامة بارزة على الكيد الطافح في كل مقهى ومكتب جريدة.

• • • • • •

«حذار» و«حوار» كلمتان متوافرتان بكثرة على الساحة اللبنانية راهنا، الأولى يتحفنا بها بعض الكتاب وأساطين الرأي في الصحف والمنابر، لكن من يسمع التحذيرات؟

الثانية يغرقنا فيها لاعبو السياسة و«أمراء الحرب والإرهاب» والآخرون، وما بين الحوار والخوار نقطة. مثلما يلعب المرء على الكلام، هكذا يتحول الحوار كرة في ملعب، أو مسرحية مكشوفة على جمهور كبير اعتاد التصفيق في السراء والضراء، للمشهد الناجح وللمشهد الفاشل على حد سواء.

back to top