وجهة نظر : بعد فاروق نقاش حول ثورة عبد الناصر

نشر في 28-01-2008
آخر تحديث 28-01-2008 | 00:00
اللعب بالديمقراطية... مثار جدل في القاهرة
 محمد بدر الدين «اللعب بالديمقراطية» فيلم تسجيلي طويل (52 دقيقة) للمخرجة المصرية اللبنانية الأصل عرب لطفي، قدمت فيه لقطات وثائقية نادرة حول ثورة 23 يوليو 1952 ولقاءات سجلتها مع شخصيات معروفة تناولت مرحلة بدايات الثورة، وما عُرِف بأزمة مارس عام 1954...

لجأت عرب لطفي في فيلمها إلى نهج التحقيق الصحافي وأسلوبه والتقت شخصيات مهمة كانوا من قادة ثورة يوليو وأبرز ضباطها الأحرار، مثل خالد محي الدين، وأحمد حمروش وابنة يوسف صديق. كما التقت المفكر العربي الكبير محمد عودة في حديث هو الأخير له قبل مرضه ورحيله، بالإضافة إلى ممثلين من اتجاهات مختلفة، مثل مهدي عاكف، المرشد العام للإخوان المسلمين وعطية الصيرفي، أحد أبرز العمال القياديين الشيوعيين وغيرهم من الوفديين والليبراليين والنقابيين، خصوصًا الذين عاصروا المرحلة التي يتناولها الفيلم وهي الأعوام الأولى من ثورة يوليو 1952، وتحديدًا قصة الخلاف الذي بدأ سراً بين مؤسسي تنظيم الضباط الأحرار وقائدها الفعلي جمال عبد الناصر ومحمد نجيب وكيف خرج إلى العلن في مارس عام 1954 وما انتهى اليه.

كان نجيب ضابطاً وطنياً مخلصاً لكنه، على حد تعبير خالد محي الدين (في الفيلم)، شعر بإغراء السلطة، فتناسى أنه جزء من كلّ، وأنّه لا يستطيع أن يحصل على صلاحيات أو «سلطات» كما كان يطلب إلا في هذا الإطار الجماعي، لذلك كان استمراره متعذراً.

يتأكد من حوار الشخصيات كافة في الفيلم، أنّ كلّ جماعة في الحياة السياسية حينها (الإخوان المسلمين والشيوعيين والوفد) كانت تطمح أو تطمع في السيطرة التامة على السلطة، لذلك تحالفوا معاً.

وفق تعبير خالد محي الدين أيضاً في الفيلم بذل الإخوان جهدهم من أجل الوقيعة بين محمد نجيب وقادة الثورة، وغدا التحالف واضحاً ومتصاعداً بين كلّ هذه القوى ومعهم نجيب، في مواجهة الثورة الوليدة وقادتها! ناصرت الجماهير استمرار الثورة في مظاهرات حاشدة، وأدار جمال عبد الناصر مواجهة الثورة لهذه الأزمة من أجل الحفاظ عليها بحنكة واقتدار.

لم يكن منطقياً، بطبيعة الحال، أن يسلّم السلطة إلى الجماعات القديمة العاجزة، فهؤلاء الشباب وضعوا أرواحهم على أكفهم وتقدموا الصفوف في عملية ثورية، تعدّ معجزةً كاملة في هذه الظروف خصوصًا مع وجود احتلال، واستطاعوا تحقيق آمال الشعب في التخلص من نظام فاسد وأنجزوا أيضاً تحرر هذا الشعب من الاحتلال البريطاني الذي دام قرابة ثلاثة أرباع القرن (1882 ـ 1954) وعملوا على إرساء «الأساس المادي» للديمقراطية السليمة.

في حواره في الفيلم يوضح المفكر الكبير الموسوعي محمد عودة: «كان ما شهدته مصر والثورة في مارس 1954 هو أول محاولة انقلابية ضدّ الثورة قامت بها القوى القديمة المتحالفة من أجل القضاء عليها، لكن ما حماها هو إجراءاتها الشعبية والثورية، وخصوصًا قرار الإصلاح الزراعي الذي بدأ به الفلاح في استعادة حقوقه وقانون منع الفصل التعسفي للعمال».

تتحدّث عرب لطفي عن نهجها في إعداد الفيلم واخراجه فتقول: «وجّهت أسئلةً مفتوحةً حول إشكاليات المرحلة في محاولةٍ للوصول إلى الحقيقة، كأنّنا نفكر بصوتٍ عال في ظل حالٍ مأزوم، سواء في مصر أو أمتنا العربية حيث شعبنا العربي في كل مكان في أمس الحاجة إلى الحرية والديمقراطية كطريقٍ من أجل التغيير والنهوض!».

يهتمّ المصريون اليوم بالتاريخ وعيونهم على الحاضر من أجل تلمّس الطريق إلى «حياة مختلفة». بعد مسلسل «الملك فاروق» الذي أثار جدلاً واسعاً، ولا تزال أصداؤه حاضرة، يعود الحديث بقوة عن الرجل (الزعيم جمال عبد الناصر) الذي ثار وغيّر الأحوال، ووضع بلده وأمته طرفاً رئيساً على خارطة العالم وفي قلبها. يساعد «اللعب بالديمقراطية» على مزيد من التأمل وتبادل الأفكار.

back to top