تجار الكويت... هل من دور لهم الآن؟

نشر في 24-06-2007
آخر تحديث 24-06-2007 | 00:00
 د. موضي عبدالعزيز الحمود تزامن تضاؤل الدور القيادي للتجار في الكويت إلى حد كبير مع التحول في هيكلية الطبقة التجارية في الدولة، حيث أصبحت النسبة الغالبة منهم تسعى وتتكالب على المصالح الشخصية، وتحقيق المكاسب في ظل غياب النظام الضريبي ونظم المحاسبة الحقة على مصادر الدخل وتراجع المسؤولية الاجتماعية.

عكست المذكرات الشخصية للدكتور أحمد الخطيب – أمده الله بالصحة وطول العمر – كثيراً من الأحداث مع بداية نشأة الدولة الحديثة، وسلطت الضوء على مراحل تاريخية مهمة من عمر دولة الكويت، خاصة في فترة ازدهار المد القومي وحركات التحرر العربي من المستعمر الغربي.

لقد شهدت الكويت في تلك الفترة ذلك التحرك النشط للكويتيين وتفاعلهم الكبير مع أشقائهم ومحيطهم العربي الكبير... ولعل ما يلفت النظر في تلك الفترة، هو ذلك الدور الطليعي والبارز للطبقة التجارية الكويتية، حيث أدت طبقة التجار دون تحديد للأسماء – وإن وردت الأسماء بشكل مفصل إلى حد كبير في مذكرات الدكتور– دوراً إيجابياً بارزاً كان له أكبر الأثر في استقرار الكويت ونضجها السياسي ومد جسور التواصل بينها وبين أشقائها العرب ووجودها في قلب الأحداث العربية في تلك الفترة.

وعلى الصعيد الداخلي تواصل التجار مع أفراد الشعب ومثقفيه ونقاباته وجمعياته، وكان لهم الدور الواضح في قيادة العمل السياسي، وذلك بتقديم النصح والمشورة والتفاعل الكامل مع التحركات الإصلاحية على جميع المستويات الثقافية والسياسية، إلى جانب الجهود الاقتصادية والتجارية. لكن المتابع للشأن الداخلي في الوقت الحالي يدرك اضمحلال هذا الدور وتراجعه حتى كاد أن يقتصر أو ينحصر في الإطار البروتوكولي لغرفة التجارة والصناعة، التي تحاول جاهدة بقياداتها المخضرمة والوطنية سد الفراغ والدفع بجهود الإصلاح، وإن كان هذا الدفع لايزال، كما بينت، ينحصر في المجال الاقتصادي الرسمي واختفى، أو كاد، ذلك التواصل المحمود لهذه الطبقة مع فئات المجتمع وجمعياته ونقاباته الأخرى في مجال الإصلاح الاجتماعي والثقافي... والأهم في مجال الإصلاح السياسي.

لقد تزامن تضاؤل هذا الدور القيادي إلى حد كبير مع التحول في هيكلية الطبقة التجارية في الدولة، حيث أصبحت النسبة الغالبة من التجار تسعى وتتكالب على المصالح الشخصية وتحقيق المكاسب في ظل غياب النظام الضريبي ونظم المحاسبة الحقة على مصادر الدخل وتراجع المسؤولية الاجتماعية، مما أفرز عناصر تجارية لا ترى في الدولة إلا ضرعها السمين، ولا يعنيها من برامج الحكومة إلا برامج الإنفاق العام، كما أن بعضها يشترك ويستفيد من الفساد الإداري والسياسي ويدفع به.

لاشك أن هناك من يجادل بأن هذا التحول هو شيء واقعي يتفق مع تطور المجتمع وبروز مؤسساته الدستورية... حيث أصبح مجلس الأمة هو ممثل الشعب وصوته ولم يبقَ للطبقة التجارية تأثيرها بوجود المجلس، وهذا افتراض صحيح، ولكنه أيضاً افتراض ينطوي على حقيقة مؤلمة مؤداها؛ أن القوى الكاسحة في الساحة اليوم هي القوى التي لا ترى في هذه الدولة إلا مصالحها المباشرة واستفادتها الآنية حتى على حساب مستقبل الكويت، كما أشرت، إضافة إلى قوى أخرى نمت وانتعشت بمباركة الحكومة تحاول أن تتفرد بالساحة وتفرض آراءها وتوجهاتها وتصادر حريات الآخرين وأصبح الكثير منها خارج السيطرة يفرز ويفرخ مجموعات متطرفة اختزلت منطلقات التقدم والازدهار للكويت تحت شتى الذرائع، حتى أصبحنا ندور في حلقة مفرغة لا نرى فكاكاً منها، بل تراجعا لا نأمل معه نهوض .

لا أشك لحظة في أن الحراك السياسي والاجتماعي أمر طبيعي، ولكن التاريخ يسطر لنا الأمثلة بأن هذا الحراك إن لم يكن يستهدف المستقبل والتطور ويتماشى معه، فإنه سيعني بالضرورة انغلاق المجتمع وضموره، وربما مواته. ولا نبالغ إن قلنا إن مؤشر حراكنا الاجتماعي، هو في هذا الطريق الصعب، فهل لنا من منقذ وهل هناك من أمل؟... نرجو ذلك ونناشد جميع من يعشق هذا الوطن أن يبادروا، وأولهم من كان لهم الريادة والمساهمة الأولى ومن يمثلهم.

والله الموفق.

back to top