بأمر من الجان قتلت عبـير أمها! زار الشاب قــبر حبيبته المتوفاة فخرجت له الجنية بلتعة من المقابر

نشر في 25-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 25-09-2007 | 00:00

الجريمة خلقها البشر. وجدت مذ خلق الله آدم أبو البشر جميعا. هي سلوك عدواني يلحق ضررا بالفرد والمجتمع. لم تنجح أي وسيلة في أي زمان أو مكان لمنع وقوع الجرائم. إنها جزء لايتجزأ من السلوك الإنساني وأحد مكونات الحياة في أي مجتمع، أياً تكن ثقافته أو مستواه الحضاري.

رغم التقدم التقني الذي شهده العالم في مجال اكتشاف الجرائم ومكافحتها فإن المجرمين يقومون في خط مواز بتطوير أساليب جرائمهم في محاولة لتضليل السلطات عن مطاردتهم وإنزال العقاب بهم.

بخلاف ما يسمى «المجرم بالصدفة» الذى يرتكب نوعا من الجرائم من دون إعداد أو تخطيط مسبق، ثمة المجرمون العتاة الذين يتميزون بتركيبة إجرامية ذات سمات خاصة وتفشل كل الطرق فى إصلاحهم وتهذيبهم كما تفشل كل أنواع العقاب، مهما بلغت قسوتها، في ردعهم.

عالم الجريمة مثير لما ينطوي عليه من رعب وتشويق. وإن كان عالماً صغيراً، إلا أنه يعكس الحياة البشرية بأكملها إذ يمثل حالة الصراع الدائم بين الخير والشر، بين العدل والظلم، بين القوة والضعف، بين الفضيلة والرزيلة.

نقدم هذا العالم الغريب في حلقات متتالية، من مصر بلد التاريخ والحضارات المختلفة، بلد الجوامع والكنائس، بلد الهرم والنيل، لكن أيضا بلد «الخط» وريا وسكينة والتوربيني.

تتعدّد الدوافع في جرائم القتل وتكاد تكون معروفة لدى العاملين في عالم الجريمة والمتابعين لها والمهتمين بها. لكن عام 1995 وقعت جريمة قتل في القاهرة كانت جريمة القتل الأولى من نوعها وأغربها نظراً إلى دوافعها وصفة القاتل والقتيل.

في حي المعادي في القاهرة المعروف بالهدوء والجمال وهو من الأحياء الراقية في العاصمة حصلت هذه الجريمة البشعة. الجانيتان شقيقتان جميلتان في عمر الزهو (17 سنة و21 سنة) والقتيلة هي أمهما. ثمة بشاعة في تلك الجريمة، أما الغرابة ففي أقوال الإبنة الكبرى عن الدافع الذي جعلها تقتل أمها: أمرها الجان بذلك!

القصة التي ما زالت ماثلة في الذاكرة ليست فيلما سينمائيا ولا موالاً فولكلوريّا،، لكنها حقيقة سجّلت حوادثها لدى قسم شرطة المعادي وفي سجلات نيابة جنوب القاهرة. ما يهمنا هنا مدى صحة الدافع الذي أفصحت عنه الإبنة عبير وإن كان غريبا إلا إنه ليس مستحيل الحدوث وبالتالي يجب أن نصدقه. فالقتيلة هي أغلى إنسانة لديها. إنها أمها ولم يكن ثمة خلافات من أي نوع بينهما. لو كان هناك شيء من هذا القبيل للجأت إلى طرائق أخرى أشد دهاء كي تخفي معالم الجريمة، كأن تدس لها السم في الطعام مثلا أو تعطيها دواء منوما ثم تخنقها أو سوى ذلك من أساليب القتل الخسيسة التي نسمع عنها يومياً.

إرتكبت القاتلة جريمة قتل أمها على مرأى من الجيران وأسماعهم، بل حضر رجال البوليس وطرقوا الباب وكانت تواصل ضرب أمها بمساعدة شقيقتها ولم تكن روحها انفصلت عن جسدها، قبل أن يتمكن رجال البوليس من اقتحام الشقة وشل حركتها هي وشقيقتها الصغرى هدى.

عــــبير والجـــان

تتلخص تفاصيل الجريمة، وفق ما سجلتها محاضر التحقيق ومن خلال أقوال القاتلتين وشقيقهما ووالدهما والشهود أيضاً، في أن السيدة التي كانت تسكن الشقة فوقهم قد أصابها مس من الشيطان فكان أن تطوعت عبير في قراءة القرآن عليها لطرد الجان من جسدها، أي أنها قرأت الرقية الشرعية التي يعرفها معظم المسلمين، لكن فاتها أن مباشرة هذا العمل تستلزم شروطا خاصة يجب توافرها لدى الراقي كي لا يتعرض لإيذاء من تتلى عليهم آيات الذكر الحكيم التي تنزل عليهم كالسياط الملتهبة.

بحسب أقوال القاتلة فإن الجان حذروها من الاستمرار في قراءة القرآن في أذن السيدة الممسوسة لكنها لم تأبه لتحذيراتهم فكان أن دفعوها إلى قتل أمها. فجر يوم الواقعة جذبتها من على السرير بمشاركة شقيقتها الصغرى وجردتها من ثيابها تماما ثم خلعتا ملابسهما وشرعتا في ضرب الأم التي استسلمت لهما. استيقظ الأب على أصوات الضرب فوجد زوجته تتعرض للضرب داخل الحمام وابنتيه عاريتين تماما. كانت ابنته الكبرى عبير تتولى عملية الضرب وتساعدها هدى فى ذلك. عندما حاول التدخل، بحسب أقواله فى محضر التحقيق، منعته زوجته، رغم قساوة الضرب ورغم ألمها الشديد! قالت له الإبنة الكبرى عبير أنها تطهرها من الجان الذي يسكن جسدها. عندما حاول التدخل بالقوة لوقف المهزلة السوداء تغلبت عليه ابنتاه وتمكنتا من إخراجه من الشقة ثم أغلقتا الباب من الداخل واستمرتا في ضرب أمهما بكل الوسائل المتاحة لهما من يد المكنسة إلى الأكواب إلى مرآة الحمام بعد فصلها إلى سكين المطبخ، الخ.

في تلك الأثناء كان الأب احضر رجال الشرطة الذين تمكنوا من اقتحام الشقة وألقوا القبض عليهما. عندما تيقنت الفتاتان أن أمهما ماتت شرعتا في إطلاق الزعاريد والرقص والتصفيق بشكل هستيري حاد!

حقيقة الجـــان

لا يمكن أن يقدم على ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة إلا المجنون، بيد أن الطب الشرعي أثبت سلامة قواهما العقلية وأكدت تحريات المباحث عدم وجود أي دوافع للجريمة. إذن ليس أمامنا إلا أن نصدق أن ما أقدمت عليه الفتاتان كان بالفعل تحت سلطان الجان، انتقاماً منها.

قد لا يكون هذا الكلام مقبولاً لدى الكثير من القراء الذين ربطوا الحديث عن الجان بالخرافات والأساطير واتهم كثيرون المتحدث في هذه القضية بالتخلف والتأخر، متناسين أن الجان مخلوق سبق خلق البشر بزمن لا يعلمه إلا الخالق سبحانه وتعالى وأن القرآن افرد سورة كاملة اسمها «الجن»، إلى عشرات الآيات التي تتحدث عن الجن والمس الشيطاني. وللشيخ الباقوري رحمه الله مقولة أن «الذي لا يؤمن بالجن ملحد، لأن الجن غيب، شأنه شأن الملائكة والجنة والنار، والقيامة، الخ. والحق سبحانه وتعالى يقول عن المؤمنين: «الذين يؤمنون بالغيب».

بالنسبة إلى الجان، نظراً إلى كونه جزءاً لا يتجزأ من عقيدتنا، هدفت الدعاية الغربية إلى زرع مفاهيم «عصرية» توحي أن هذه الأمور هي من قبيل العبث والمتحدث فيها ضحل وجاهل لا يفقه شيئاً، رغم أن مكتبات الغرب مليئة بآلاف الكتب التي تتحدث بلغات متعدّدة عن عالم الأرواح والجان ومن زواياه المختلفة، إلى عشرات الجمعيات التي تهتم بهذه الأمور. بعيدا عن النصوص الدينية التي لم يثبت خطأ حرف واحد منها حتى الآن، بل الثابت أنها سبقت التقدم العلمي البشري بقرون وأنها من صلب العقيدة لدى المسلمين، عمد الإنكليز إلى تعريض من يتحدث في هذه الأمور للسخرية والاتهام بالجهل، تماما مثلما كان يفعل أبو جهل مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته. وسوف يبقى نموذج «أبو جهل» على امتداد الزمن يحارب المؤمنين ويزعزع عقيدتهم كفتنة دائمة لا تنتهي.

ما تفعله «النخبة المثقفة» في بلاد المسلمين نوع من «التلبيس» ويعرف ابن الجوزي التلبيس بأنه «إظهار الباطل في صورة الحق والغرور نوع من الجهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحا والرديء جيدا».

هؤلاء الذين يجادلون في الباطل يشكلون امتداداً للسوفسطائيين (ينتمون إلى رجل من أهل اليونان القديم يسمى «سوفسطا» اشتهر بالجدل في أي شيء وأصبح له منهج وأتباع)، ويزعمون أن لا حقيقة للأشياء وأنها أوهام في داخلهم. انقسم هؤلاء ثلاثة مذاهب، الأولى: «العنادية» الذين ينكرون حقيقة الأشياء ويزعمون أنها أوهام، والثاني: «اللإرادية» الذين ينكرون العلم بثبوت الشيء، الثالث: الذين يقولون بأن الحقائق تابعة للاعتقادات.

رغم أننا نعيش فى القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد، ما زال هناك الكثيرون الذين يسيرون على نهج من عاشوا في ظلمات الجهالة والخرافات في حضارة اليونان القديمة قبل ظهور الرسل والأنبياء الذين أضاؤوا الطريق أمام البشرية.

الجن فى القرآن والسنة

النصوص القرآنية التي وردت فى القرآن عن الجن كثيرة، قوله تعالى في سورة الذاريات: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»

وقوله في سورة «الحجر»: «والجان خلقناه من قبل من نار السموم»

وفي سورة «الجن» : «قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن»

ومنها أيضا : «وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا»

ووردت أحاديث نبوية كثيرة جداً عن الجان وحياته وسلوكياته وعلاقته بالإنسان، نذكر منها ما رواه الحاكم والبيهقي والطبراني بإسناد صحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الجن ثلاثة أصناف، فصنف يطير في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون».

الجن مخلوق يختلف عن الملاك، لكنه يتشابه مع الإنسان في صفات العقل والتمييز والحرية والقدرة على الاختيار بين الحق والباطل والخطأ والصواب والخير والشر, لكنه يختلف عن الإنسان في أصل المادة التي خلق منها. فالحق سبحانه وتعالى يقول عنهم في سورة الرحمن: «وخلق الجان من مارج من نار»، والمارج هو طرف اللهب كما قال ابن عباس وقال الإمام النووي أن المارج هو اللهب المختلط بسواد النار.

قدرات الجن

للجن قدرة كبيرة على التشكل والتصور فقد يتصور في صورة الحيات والعقارب وفي صور البهائم أو الطيور أو الكلاب والقطط وابن عرس الخ. عندما اجتمع كفار قريش في دار الندوة للتشاور في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكل الشيطان في صورة شيخ نجدي وحضر بين الجالسين واقترح عليهم أن يقتلوه.

ليست لقدرات الجن حدود. أشهر القصص التي تؤكد على ذلك ما رواه الحق سبحانه وتعالى في سورة النمل، في قصة بلقيس ملكة سبأ، التى أحضر عفريتاً من الجن إلى عرشها، من اليمن إلى فلسطين، قبل أن يرتد طرف سليمان، وكانوا يصعدون إلى السماء ويسترقون السمع، كما قال الحق سبحانه وتعالى في سورة الجن.

قد يسكن الجن مع الناس في بيوتهم ويسمى هذا النوع بالعمّار(بضم العين المشددة) ويحضرون في مواضع النجاسات كالحمامات والمراحيض والمزابل والمقابر. كما يسكن الجن الأماكن المهجورة والمظلمة والأماكن الخربة كالصحارى والوديان والجبال وأيضا المياه. البشر الذين يقترنون بجان يكثرون من وجودهم في تلك الأماكن النجسة أو المهجورة. وفتاة المعادي التي قتلت أمها قامت بذلك في حمام الشقة، حيث يكون الشيطان موجوداً بكامل قوته.

يشارك الجان البشر حياتهم ليلاً ونهاراً وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : «إنه يراكم هو وقبيله من حيث لاترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لايؤمنون» ــ (سورة الأعراف ــ آية 27).

أكثر وقت ينتشر فيه الجان هو ظلام الليل، إذ روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ».

زواج الجن بالإنس

الزواج بين الجن والإنس جائز ودليل ذلك ما جاء في سورة الرحمن قوله تعالى : «لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان».

في مصر نشرت الصحف منذ أعوام، قصة شاب من الفيوم كان يحب فتاة جميلة، إلا أن الموت خطفها قبل زواجه بها فشرع يتردد على قبرها كل ليلة ويبكيها. ذات ليلة بينما هو غارق فى البكاء، شعر بيد ناعمة تربت على كتفه فالتفت فإذا بصبية رائعة الجمال تفوق جمال حبيبته التي سكنت التراب، طلبت منه أن يمشي معها واصطحبته إلى منزل مهجور وهناك عرفته بنفسها قائلة: أنا «بلتعة» من بنات الجان. أنا هويتك وأتمنى أن تتزوجني فوافق الشاب المجروح وأمضى معها 15 عاماً ثم تركته.

علاقة الجن بالبشر

في تفسير سورة الجن، يسوق لنا ابن كثير على لسان ابن أبي السائب الأنصاري أنه قال: خرجت مع أبي من المدينة في حاجة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل، جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم، فوثب الراعي فقال: «ياعامر الوادي جارك»، فنادى منادي لا نراه يقول: «ياسرحان (اسم الذئب في العربية) أرسله»، فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة، وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة «وانه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهق» (تفسير القرآن العظيم لابن كثير، طبعة دار الجيل في بيروت، الجزء الرابع ص 429).

جاء في كتاب «آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان» للقاضي أبوعبدالله محمد بن عبدالله الشبلي الحنفي، المتوفى سنة 769 هـ، أن السيدة عائشة رضي الله عنها قتلت حية في حجرتها، وكانت عائشة تقرأ، فجاءها في المنام من يقول لها: أنت قتلت رجلاً مؤمناً من الجن من الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «لوكان مؤمناً ما دخل على أزواج النبي»، فقيل لها: «ما كان يطلع حتى تجمعي عليك ثيابك، وما كان يجيء إلا ليستمع القرآن»، فلما أصبحت اشترت رقاباً وأعتقتهم، وقيل أنها تصدقت بإثنى عشر ألف درهم.

روى فضيلة الشيخ مصطفى الحديدى الطير في كتابه «غذاء الأرواح من الكتاب والسنة والحقائق العلمية» أن صديقاً له كان يعمل في الأزهر الشريف، ظهرت له الجن في صورة امرأة مجسمة، في حديقة منزل صديق آخر له وكانت متشحة برداء أبيض يغطيها، وحدث ذلك نهاراً، وقالت له: «لماذا تتعرض لنا بالعيب عند صاحبك؟» فاعتذر لها وتشفع له صاحبه ورجاها أن لا تتعرض له بسوء فوعدته بذلك واختفت كأن الأرض ابتلعتها.

يروي الشيخ الحديدي أن الشيخ عبد الوهاب الشعراني المتوفى سنة 973هـ له كتاب اسمه «كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان»، ألفه سنة 955هـ للإجابة عن أسئلة وجهها له مؤمنو الجان وطلبوا منه أن يجيب عن أسئلتهم ويكون الجواب ما بين منظوم ومنثور، لأنهم يميلون إلى الشعر أكثر وكان يجيب على أسئلتهم في وقت السحر. وذكر الشيخ الشعراني في مقدمته عن هذه الأسئلة : «لقد أتتني هذه الأسئلة في قرطاس (ورقة) من فم شخص من الجان في صورة كلب أصفر لطيف ككلاب الرمل وكانت الورقة قدر فرخ ورق كبير مرقومة بخط عربي، ففتحتها فإذا فيها: «ما قول علماء الإنس ومشايخهم في هذه الأسئلة المرقومة الواصلة إليكم صحبة حاملها؟ لقد اشكلت علينا وسألنا عنها مشايخنا من الجان فقالوا بأن هذه التحقيقات لا تكون إلا من علماء الإنس، ثم ذكروا الأسئلة إلى آخرها فكان وصول هذه الأسئلة ليلة السادس والعشرين من رجب سنة خمس وخمسين وتسعمائة، دخل عليّ حاملها من طاق القاعة (شباك الغرفة) المطلة على الخليج الحاكمي (شارع بورسعيد بالقاهرة حاليا) فالحمد لله الذي منّ علينا بإرشاد اخواننا الجان في هذا الزمان وها أنذا أشرع في أجوبتهم بحسب ما يفتح الله به في الوقت وهو حسبي ونعم الوكيل وسميته «كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان».».

حكايات معاصرة

ليست فتاة المعادي التي قتلت أمها مريضة وليست كاذبة في ما قالت من أن الجان هو الذي دفعها إلى قتل أمها. عاش كاتب هذه السطور قصصاً كثيرة مماثلة في رحلة استغرقت سنوات طويلة لاكتشاف أسرار هذا العالم الخفي، من خلال الوسطاء الموثوق بهم وهم قلة وسط ألوف الدجالين الكذبة.

نشرت الصحف السعودية نهايات عام 1987 قصة الجان الذي أعلن اسلامه على يد الشيخ عبدالله بن مشرف العمري، عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية وكان تلبس بجسد فتاة سعودية متسبباً لها بحالات من الصرع كادت تقضي عليها وعجز الأطباء عن علاجها. قالت صحيفة «المدينة» السعودية التي نشرت القصة إن الفتاة جيء بها إلى الشيخ عبدالله العمري فقرأ عليها آيات من كتاب الله فخاطبه الجن بصوت واضح مختلف تماماً عن صوت الفتاة وعندئذ طلب منه الشيخ العمري أن يشهر إسلامه فاقتنع الجان وأعلن إسلامه ونطق بالشهادتين وتعهد بعدم معاداة الإنسان أو إيذائه. أضافت الصحيفة أن الفتاة جيء بها إلى فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز فأقر الجان إسلامه أمامه.

يروي العلامة الشيخ ابو بكر الجزائري هذه القصة التي جاءت على لسانه في كتابه المشهور «عقيدة المؤمن» ويقول: «أذكر حادثة تمت في بيتنا وعشنا آلامها وعانينا آثارها السيئة، إنه كان لي أخت أكبر مني تدعى سعدية وكنا يوما ونحن صغار نطلع عراجين التمر من أسفل البيت إلى سطحه (قصد رفعه ) بواسطة حبل يربط به العرجون ونسحبه إلى السطح ونحن فوقه فحصل أن أختي سعدية جرت الحبل فضعفت عنه فغلبها فوقعت على الأرض على أحد الجنون فكأنها بوقوعها عليه أذته أذى شديدا فانتقم منها فكان يأتيها عند نومها كل أسبوع مرتين أو ثلاثاً أو أكثر فيخنقها فترفس المسكينة برجليها وتضطرب كالشاة المذبوحة، ولا يتركها إلا بعد أن تصبح شبه ميتة. ونطق على لسانها مصرحاً بأنه يفعل هذا لأنها أذته يوم كذا في مكان كذا وما زال يأتيها يعذبها بصرعة تأتيها عند النوم فحسب، حتى قتلها بعد نحو عشر سنوات من العذاب الذي لا يطاق».

المسّ الشيطاني

في كتاب «الخصائص الكبرى» للإمام جلال الدين السيوطي جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت: «يا رسول الله ان بابني هذا جنوناً وانه يأخذه عند غذائنا وعشائنا فيفسد علينا» فسمح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له، فثغ ثغة (تقيأ) فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فسعى.

أدلة المسّ الشيطاني من القرآن هي:

ــ «الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس» ــ (سورة البقرة ، آية 275)

ــ «إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون» ــ (سورة الأعراف، آية 201)

ــ «واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب» ــ (سورة ص ، آية 41)

القوى الخفية

نود أن نلفت النظر أخيراً إلى أن كل القوى في هذا الكون على اختلاف أنواعها وصورها «خفية» وغير مرئية. فالجاذبية قوى خفية والمغناطيسية والإشعاعات والموجات باختلاف أشكالها والحرارة والبرودة والكهرباء والذرة التي هي أساس المادة لم يرها الانسان ولن يراها، ومع ذلك شطرها وأخرج منها طاقة تكفي لتدمير الأرض وكواكب المجموعة الشمسية كلها.

الإنسان نفسه، خفاياه أكثر من ظواهره، فالعقل شيء خفي لا يعرف أحد كنهه ولا حتى مكانه في الجسم. والنفس شيء خفي والضمير والروح والالم والمرح والحزن ... كلها قوى لا نراها ولانعرف كنهها، لكننا نعترف بها وننشىء لها النظريات والقوانين، فلماذا إذن نجادل في وجود الجن ونسخر ممن يتحدث عنه ونتهمه بالتخلف؟!

 

 

back to top