مقاتلو القاعدة الأجانب في العراق 3-6 نظرة أولى في سجلات سنجار مشروع هارموني - مركز مكافحة الإرهاب - في كلية ويست بوينت العسكرية مدينتا درنه وبنغازي تسهمان بنصيب الأسد من المقاتلين الليبيين في العراق

نشر في 26-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 26-02-2008 | 00:00

ركزت الحلقة الثانية من دراسة «مقاتلو القاعدة الأجانب في العراق» على محاولة التعرف على الموطن الأصلي لأغلبية المقاتلين الوافدين إلى العراق عبر الحدود السورية، وفق «سجلات سنجار»، وكشفت أن السعودية احتلت الصدارة بلا منازع، إذ اعتبرت الجنسية الأكثر شيوعاً بين المقاتلين في تلك العينة، فقد أشار 41% (244) من السجلات التي تضمنت جنسية المقاتلين، البالغ عددهم 595، إلى أنهم كانوا من أصول سعودية. وكانت المفاجأة بالنسبة إلى المحللين الأميركيين أن تأتي ليبيا ثانياً في قائمة أكثر الجنسيات بين المقاتلين الأجانب في العراق، إذ قال 18.8% (112) من المقاتلين الذين أدرجوا جنسيتهم إنهم جاءوا من ليبيا، وحلت سورية في المركز الثالث.

وعرضت الدراسة عدداً من الإحصاءات المتعلقة بالمدن الأصلية التي قدم منها المقاتلون الأجانب، وتضمن الجزء الثاني استعراضا للمدن السعودية الأكثر توريداً للمقاتلين في العراق، بينما يتناول هذا الجزء الثالث بقية البلدان المهمة، ومن بينها ليبيا والمغرب والجزائر وسورية، لينتقل بعدها إلى تحليل الفئات العمرية للمقاتلين الأجانب من واقع البيانات الأولية المسجلة في الملفات التي استولت عليها قوات التحالف في مدينة سنجار على الحدود العراقية- السورية.

مدن المقاتلين الليبيين الأصلية

جاءت الأغلبية الساحقة من المقاتلين الليبيين الذين أدرجوا مدنهم الأصلية في سجلات سنجار، من المنطقة الشمالية الشرقية في البلاد، خصوصاً المدينتين الساحليتين- درنه 60.2% (53)، وبنغازي 23.9% (21).

دماء جبال درنه

كانت كل من درنه وبنغازي مرتبطتين منذ فترة طويلة بالجهاد الإسلامي المسلّح في ليبيا، خصوصا في ما يتعلق بانتفاضة قادتها المنظمات الإسلامية في منتصف التسعينيات من القرن العشرين. ألقت الحكومة الليبية باللوم في ما يتعلق بهذه الانتفاضة على «متسللين من السودان ومصر»، بينما ادّعت مجموعة واحدة -هي الجماعة الليبية المقاتلة- أنها تضم بين صفوفها مقاتلين حاربوا في أفغانستان. أصبحت الانتفاضة الليبية بالغة العنف، واستخدم القذافي المروحيات المسلحة في بنغازي، وقطع خطوط الهاتف، والكهرباء، وإمدادات المياه عن درنه، وادّعى في بيانه الشهير أن المسلحين «يستحقون الموت من دون محاكمة، كالكلاب».

ومن جانبه، شدّد أبو ليث الليبي، أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، على أهمية بنغازي ودرنه بالنسبة الى الجهاديين الليبيين في إعلانه انضمام الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى القاعدة، قائلاً:

«من نعم الله علينا أننا ظللنا نرفع راية الجهاد ضد هذا النظام الكافر تحت قيادة الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، التي ضحت بنخبة أبنائها وقادتها في مقاتلة هذا النظام، والذين سالت دماؤهم على جبال درنه، وفي شوارع بنغازي، وضواحي طرابلس، وصحراء سبها، وعلى رمال الشاطئ».

توترات ليبية

ومثلها في ذلك مثل الحكومات الأخرى في المنطقة، تبدو ليبيا قلقة بشأن احتمال اندلاع العنف الجهادي داخل حدودها، وفي مايو 2007، اعتقلت الحكومة الليبية العديد من الليبيين على أساس أنهم كانوا يخططون للقيام بهجوم بسيارة مفخخة يشبه الهجوم الذي وقع في أبريل من العام نفسه في الجزائر. وفي يوليو 2007، أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم «تنظيم القاعدة في شرق ليبيا» عن قيام أحد أفرادها بهجوم انتحاري في درنه. اتخذ الزعيم الليبي معمر القذافي إجراءات من شأنها تقليل التهديد الذي تمثله مثل هذه الجماعات، وأفرج على ما يقال عن أكثر من 80 من ناشطي الإخوان المسلمين، على أمل أن يعملوا على تلطيف وجهات نظر النشطاء الإسلاميين الأشد عنفاً.

إذا كانت «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» تقوم بإرسال الليبيين إلى العراق، فهي قد تثير التوترات التي تتناقلها الإشاعات بين عناصر «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» بشأن ما إن كان يجدر بها التركيز على الأنشطة القتالية داخل حدود ليبيا. يُذكر أن مثل هذا الجدل شائع بين الحركات الجهادية الوطنية التي تحوّل تركيزها إلى القضايا العالمية، فقد أوقع هذا النوع من النقاش الفوضى في صفوف كل من تنظيم «الجهاد الإسلامي» المصري و«الجماعة الإسلامية» المصرية في تسعينيات القرن العشرين. إن التقارير التي أشارت إلى أن قرار «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» بالانضمام إلى «القاعدة» كان مثيراً للجدل قد تكون مبالغاً فيها، لكنها تعكس على الأرجح نقاشاً مثيراً للنزاع حول مستقبل الجماعة الليبية. من المرجّح أن دعم «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» لتنظيم «القاعدة» الفرعي في العراق أدى إلى ارتفاع منزلتها ضمن قيادة «القاعدة»، لكنه عقّد العلاقات الداخلية بين أفرادها.

مدن المقاتلين المغاربة الأصلية

قام ستة وعشرون من المقاتلين المغاربة في «سجلات سنجار»، والبالغ عددهم 36 (72.2%)، بإدراج مدنهم الأصلية، ومن بين هؤلاء، جاء 65.4% (17) من الدار البيضاء، بينما أتى 19.2% (5) من تطوان. وهذه النتائج مفاجئة بعض الشيء، لأن باحثي الإرهاب ركزوا على تطوان كمستنبت لتجنيد المقاتلين للسفر إلى العراق. تشير التقارير السردية إلى أن هذا التركيز ملائم، لكن «سجلات سنجار» تذكرنا بالصورة الأكبر للتحول إلى التطرف والاستنفار في المغرب.

مدن المقاتلين الجزائريين الأصلية

أفصح اثنان وعشرون من أصل 43 جزائرياً مدرجين في «سجلات سنجار»، عن مدنهم الأصلية، ومن بين هؤلاء، كان 36.4% (8) من الواد، و22.7% (5) من الجزائر العاصمة.

مدن المقاتلين السوريين الأصلية

أفصح خمسة وثلاثون من أصل 49 سورياً مدرجين في «سجلات سنجار»، عن مدنهم الأصلية. كانت المدن الأصلية السورية متفرقة على نحو واسع باستثناء دير الزور، التي جاء منها 34.3% (12) من السوريين المدرجين. تمثل دير الزور عاصمة محافظة سورية بالاسم نفسه، وهي متاخمة للحدود العراقية.

العُمر

كان متوسط سنة الولادة المبلغ عنها من قبل المقاتلين المدرجين في «سجلات سنجار» هي 1982؛ أما السنة الوسيطة فكانت 1984. وتراوح تاريخ وصول هؤلاء المقاتلين إلى سورية في طريقهم إلى العراق ما بين الثامن عشر من أغسطس 2006 إلى الثاني والعشرين من أغسطس 2007، مما يشير إلى أن العمر المتوسط كان 24-25 سنة، والعمر الوسيط هو 22-23 سنة.

مراهق الطائف

كان عمر المقاتل الأكبر سناً في سجلات سنجار هو 54 سنة عندما عبر إلى العراق، كما ولد خمسة مقاتلون في عام 1990 -كان واحد منهم على الأقل مازال في السادسة عشرة من عمره عندما دخل العراق، وولد سبعة مقاتلين في عام 1989 (العمر 16-17 سنة)، وخمسة عشر في عام 1990- والعديد منهم لم يكن قد بلغ الثامنة عشرة عند وصوله إلى سورية. كان المقاتل الأصغر سنا في هذه المجموعة هو عبدالله عبيد السليماني من الطائف، بالمملكة العربية السعودية، الذي ولد في الرابع عشر من يونيو 1991، ووصل إلى سورية في الثالث والعشرين من سبتمبر 2006 -أي بعد ثلاثة أشهر فقط من بلوغه الخامسة عشرة.

تشير السن الصغيرة بوجه عام بين أولئك المقاتلين إلى أن معظم هؤلاء الأفراد هم من المتطوعين لأول مرة، وليسوا من المحاربين المخضرمين في المعارك الجهادية السابقة، وإذا كان ثمة تدفق رئيسي للمجاهدين المخضرمين إلى العراق، فربما حدث ذلك في وقت سابق من الحرب. إن تحريض جيل جديد من الجهاديين للانضمام إلى المعركة في العراق، أو التخطيط لعمليات في مكان آخر، يمثل واحداً من أكثر الملامح المسببة للقلق بشأن المعركة المستمرة في العراق. لا يجب أن تسيء الولايات المتحدة تفسير المكاسب التي تحققت ضد فرع «القاعدة» في العراق باعتباره ضربات أساسية ضد تلك المنظمة خارج العراق- فمادام بقيت القاعدة قادرة على اجتذاب مئات الشبان للانضمام إلى صفوفها، فإنها ستظل تهديداً خطيرا للأمن العالمي.

back to top