تقرير إصلاح التعليم يوصي بنظام تعليمي جديد والحد من التفرد بالقرار التربوي ويطالب بخطط استراتيجية ثابتة المطلوب إعادة هيكلة شاملة لكل القطاعات والتحول إلى اختبارات تقييمية قاسية

نشر في 16-10-2007 | 00:00
آخر تحديث 16-10-2007 | 00:00
No Image Caption

أكد تقرير تربوي أن الوصول إلى إصلاح وتطوير التعليم ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى الوقت والجهد والمال والقوة البشرية القادرة على تنفيذ هذه المهمة الصعبة لمواكبة التطور العالمي على هذا الصعيد، وأوصى بضرورة البدء بإصلاح المرحلة الابتدائية وإعادة تأهيل المؤسسة التعليمية بكامل قطاعاتها.

شدد تقرير صادر عن وزارة التربية بشأن «الطريق الى اصلاح التعليم وتطويره» على ضرورة ان تتبنى الحكومة طرقا جديدة لتطوير التعليم والارتقاء بالمستوى التربوي في الكويت، على ان يكون الاعداد لذلك من خلال خطط واستراتيجيات طويلة الامد لا تتغير مع تغير الوزراء، وتواكب التطوير العالمي والتكنولوجي في مجالات التعليم والتربية.

وطالب التقرير بالتطوير المستمر والشامل لجميع عناصر النظام التعليمي والتنسيق بين مراحل النظام التعليمي، والمشاركة المجتمعية الواسعة لدعم جهود تطوير التعليم، لان التعليم شأن مجتمعي.

واكد التقرير ضرورة ايجاد الاستراتيجيات والسياسات الواضحة التي تكون بمنزلة معايير لصناعة القرار. والعمل على الاخذ بمبدأ تطوير التعليم بحركة دائرية من الترقيم الى التخطيط والتطوير والتقويم مرة اخرى، على ان يتحرك في ثلاثة محاور متضافرة تتمثل في محور التطوير التحديثي، ومحور التطوير الهيكلي، ومحور التطوير المؤسسي، توفير آليات التمويل ومصادره حتى لا يتعرض تطوير التعليم للاهتزاز والتباطؤ بسبب قلة الموارد.

وطالب التقرير بأن يكون التطوير شاملا لجميع مراحل التعليم وجميع عناصر المنظومة التعليمية، وان يكون هدفه الاسمى «تحقيق الجودة النوعية للتعليم».

المعرفة

وخلص التقرير الى ان المعرفة اصبحت مصدر قوة الامم ومفتاح تقدمها وصمام امنها، وسلاح امانها ووسيلة اي مجتمع للتنافس في عالم الاقتصاد الكوني، والقدرة على الحوار مع الآخر حوار الند المشارك وليس حوار التابع المستجدي، مشيرا الى ان التعليم المتطور بات وسيلة اكتشاف المعرفة واثراءها وتسخيرها لخدمة البشر، لان التقدم يحدث بالمعرفة المكتشفة وليس فقط بالمعرفة المكتسبة، لان النوع الاول يحدث بالتأمل والاستكشاف واعمال العقل واعادة تركيب معرفة جديدة، اما النوع الثاني فوسيلته التدريب والحفظ والاستظهار، حيث ان قوة الامم تقاس بما تمكله من عقول مبدعة والبحث المستمر واكتشاف المعرفة وتطبيقها.

نجاح النظام التعليمي

وأشار التقرير الى ان التعليم اصبح مخصصا للتنمية البشرية المستدامة لان رسالة التعليم تتمحور حول بناء الانسان وتنمية مهاراته وطاقاته وكفاياته، ولان الانسان هو وسيلة التنمية وغايتها معا لذلك ينظر الى التعليم والتنمية على انهما وجهان لعملة واحدة، والتنمية تكون بالانسان، وتهدف الى توسيع خيارات الحياة بين كل الناس، والتنمية لا تحدث الا بالبشر المتخرجين من نظام تعليمي فائق الجودة، فلا يتعاظم الدور التنموي للتعليم الا اذا توافرت له ضوابط الجودة وفي مقدمتها:

- الرؤية المستقبلية طويلة المدى والتي ترسم صورة النجاح للنظام التعليمي اي ما سيكون عليه التعليم في نهاية فترة زمنية محددة «ربع قرن تقريبا» او ما يجب ان يكون عليه هذا النظام التعليمي.

- القيادة الواعية بمتغيرات العصر وتفاعلاته.

- الاهداف الاستراتيجية طويلة المدى التي تعكس الرؤية المستقبلية.

- الاستراتيجيات والسياسات الواضحة التي تكون بمنزلة معايير لصناعة القرار.

- القاعدة التنفيذية المدرسية القادرة على تحمل المسؤولية وقبول المساءلة.

- التطوير المستمر والشامل لجميع عناصر النظام التعليمي.

- التكامل والتنسيق بين مراحل النظام التعليمي.

- المشاركة المجتمعية الواسعة لدعم جهود تطوير التعليم لان التعليم شأن مجتمعي.

- التوجه المستقبلي لاعداد انسان قادر على التكيف مع التغيير والتعايش مع الآخر.

- تطوير التعليم بحركة دائرية من الترقيم الى التخطيط والتطوير والتقويم مرة اخرى، كما يتحرك على ثلاثة محاور متضافرة: محور التطوير التحديثي، ومحور التطوير الهيكلي، ومحور التطوير المؤسسي.

- الاهتمام بعناصر الجودة النوعية الاربعة: الاهداف، المناهج وادواتها ووسائلها، كفاية العاملين في النظام التعليمي، وعمليات واساليب التقويم.

- يعتمد منهجيات التخطيط الاستراتيجي ويوفر الآليات والبنى اللازمة لتطوير التعليم تخطيطا وتنفيذا وتقويما.

- يشتق اهدافه ومضامينه من اهداف ومضامين خطط وبرامج التنمية البشرية الشاملة والمستدامة (الثقافة والاجتماعية والاقتصادية).

- يتم التطوير من داخل المدارس ويقوده مديرو المدارس والمعلمون ويشترك فيه اولياء الامور وقيادات المجتمع المحلي.

- توفير آليات التمويل ومصادره حتى لا يتعرض تطوير التعليم للاهتزاز والتباطؤ بسبب قلة الموارد.

- ان يكون التطوير شاملا جميع مراحل التعليم وجميع عناصر المنظومة التعليمية، وان يكون هدفه الاسمى «تحقيق الجودة النوعية للتعليم».

التطوير الشامل

وقال التقرير ان الكويت اصبحت بمواردها الطبيعية واقتصادها المتنامي مضطرة لكي تساير الحياة في القرن الواحد والعشرين الى ان تأخذ بنظام الاقتصاد المبني على المعرفة والمسخر للتقنية، ومن ثم اصبح لزاما عليها ان تعيد توجيه نظامها التعليمي والتدريبي ليصبح اكثر استجابة لحاجاتها التنموية، وملائما لمتطلباتها المستقبلية، ولا شك ان التجارب العالمية كثيرة في مجال تطوير التعليم، فقد استطاعت دول صغيرة ليس لديها امكانات وموارد كثيرة مثل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية ان تجعل من بطاقة التعليم قنطرة للعبور من التخلف الى التقدم، بل وان تصبح معجزة اقتصادية منافسة في عالم الاقتصاد الكوني، ولكي تبدأ الكويت رحلتها في طريق التطوير الشامل لنظام التعليم والتدريب عليها ان تتحرك في اتجاهات ثلاثة:

- الاتجاه التحديثي لرفع انتاجية المؤسسات القائمة من خلال تطوير جزئي لعناصر مختارة في النظام التعليمي مثل مراجعة المناهج او تدريب المعلمين او تحسين اساليب التوجيه وتزويد المدارس بتقنيات متقدمة للتعليم والتعلم.

- الاتجاه الهيكلي لاستحداث بنى تحتية جديدة او تطوير بنى قائمة من اجل تنفيذ البرامج والمشروعات المدرجة في الخطط التشغيلية والتي تسعى الى تحقيق اهداف استراتيجية طويلة المدى مشتقة من رؤية مستقبلية شاملة لتطوير التعليم، وتعتبر هذه البنى التحتية بمنزلة آليات للتشغيل والتمويل والتنفيذ والتخطيط والتقويم والمتابعة والبحوث المؤسسية والتدريب ومن دون قوامة هذه البنى الهيكلية يكون تطوير التعليم عشوائيا.

- الاتجاه المؤسسي وهو يركز على احداث تحول استراتيجي في عناصر المؤسسة التعليمية، بحيث تنشأ ثقافة مؤسسية جديدة داعمة للتغيير الشامل، واستحداث نظام تعليمي جديد يواكب اتجاهات المستقبل، ويعد انسانا جديدا قادرا على التكيف مع التغير، وعلى التفاعل مع الآخر، وعلى التفكير في مشكلات الحاضر والمستقبل معا، ويحدث هذا عندما يتغير المناخ الاداري للمؤسسة التعليمية وتتحول من الادارة المركزية الى الادارة الاستراتيجية، ومن القرار الفردي الى القرار الجماعي، ومن التسيب وعدم الشفافية الى تحمل المسؤولية وقبول المساءلة، عند ذلك تتغير المؤسسة بما فيها ومن فيها ويبزغ فجر نظام تعليمي جديد يكون جيل المبدعين القادرين على سد فجوة المعرفة، وفجوة التقنية، والفجوة الرقمية.

وهكذا تحتاج الكويت الى نظام تعليمي فائق الجودة وخاضع للتطوير الشامل بصفة مستمرة، ويمكنه ان يستجيب بسرعة لاحتياجات المجتمع المتغيرة التي يفرضها الاقتصاد المعتمد على المعرفة والتقنية في القرن الواحد والعشرين، ويصبح الاهتمام في النظام التعليمي المتطور بتنمية القدرات والكتابات والطاقات البشرية لرفع الكفاءة الانتاجية لمخرجات التعليم، فتزداد معدلات التنمية وعائداتها ومن ثم يزداد نصيب الفرد من تلك العائدات، كما يتسم النظام الجديد بالمرونة وسهولة التعامل مع القطاع الخاص باعتباره قطاعا وطنيا نشيطا يمثل رافدا مهما للاقتصاد الوطني، ويجب على النظام التعليمي الاستجابة لمتطلباته من مخرجات التعليم كما وكيفا، مع الاستفادة من تجربة القطاع الخاص في الادارة الاستراتيجية، وربط الراتب والحافز بالانتاج الحقيقي، وفك الاشتباك بين الشهادة والوظيفة، وان تعليم المستقبل يهتم بـ «الكافايات» اكثر من اهتمامه بالشهادات.

إجراءات تطويرية

وبالاضافة الى الطبيعة التدريجية في التطوير، اكد التقرير ايضا ضرورة الاسراع في اتخاذ مجموعة من الاجراءات التطويرية والتي أسماها التقرير مشروعات الأولوية في مرحلة تخطيط التخطيط، حيث ان تنفيذ مثل هذه المشروعات من شأنه ان يؤدي الى تغيير المناخ الاداري وتدريجيا الى تحسين بيئة التعلم والى التمهيد لحدوث التحول الاستراتيجي المرتبط بالتطوير المؤسسي، ومن أهم المشروعات والاجراءات التي نقترح ان تبدأ بها الوزارة خطواتها الأولى:

- اعادة هيكلة الوزارة للانتفاع بالكفاءات الممتازة في الواقع التي تلائم قدراتها وتوصيف الوظائف وتحديد الاختصاصات على مستوى الوزارة والمناطق والمدارس وتحسين مناخ صناعة القرار والتحول الى مركزية التخطيط والرقابة ومركزية التنفيذ.

- مراجعة دقيقة وتطوير شامل لمناهج المرحلة الابتدائية، من أجل مساعدة المتعلمين على اكتساب قيم المجتمع العربية والاسلامية، وبناء مهارات التعلم الأساسية، واتقان مهارات الاتصال والحساب والتوعية العلمية والمهنية.

- رفع كفايات القوى العاملة في التعليم خصوصا المعلمين والمديرين والموجهين والفنيين.

- البدء في استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم والتعلم.

- انشاء مراكز آليات لتطوير التعليم واستكمال البيئة الأساسية مثل المكتب الفني للتطوير، وصندوق تمويل تطوير التعليم، والمركز الوطني لتطوير التعليم بوحداته المختلفة.

- تطوير أساليب تقويم التحصيل الدراسي والتحول الى الاختبارات القياسية والاختبارات مرجعية المحك، والاسترشاد بالمعايير لتقويم التحصيل مع الاهتمام بقياس المهارات والقدرات العقلية العليا مثل التفكير الابتكاري والتحليل والنقد والتقويم والتحسب وإدارة الأزمات وتحليل البدائل واتخاذ القرار.

- التوسع في انشاء مراكز مصادر التعلم من اجل تلبية الفروق الفردية بين الطلاب وتنمية مهارات التعلم الذاتي والمستمر.

- تدريب القيادات التنفيذية العليا بالوزارة والمناطق ومديري المدارس على قيادة العمل التربوي وإتقان فنيات ومنهجيات التخطيط الاستراتيجي وتوجه الادارة بالأداء وموازنة المشروعات.

- تحقيق التكامل بين المراحل التعليمية وعقد شراكة استراتيجية بين التعليم العام والتعليم العالي والجامعي والتقني، وكذلك تنظيم العلاقة وتطويرها بين التعليم العام والتعليم الخاص.

ويمكن ايضا في المرحلة الاولى في التطوير تنظيم زيارات لقيادات العمل التربوي من الوزارة والمناطق والمدارس للاطلاع على التجارب المتميزة والاستفادة من النماذج الناجحة، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الاطلاع على تجربة الادارة الذاتية للمدارس في مقاطعة ملبورن بأستراليا، وزيارة المدارس الذكية. في ماليزيا، والفصول الالكترونية في سنغافورة، ومعاهد التكنولوجيا والعلوم في الهند، والتي تعتبر نموذجا للتميز يهدف الى الربط بين الحكومة والقطاع الصناعي، كما تقدم التجربة الكورية مثلا جيدا للتطوير دون الحاجة الى رأسمال كبير.

التطوير المرحلي لا يمثل بديلاً عن الإصلاح الجذري

أكد التقرير ان التطوير المقترح هو تطوير متدرج يسير في مسارين متوازيين: تطوير للنظام التعليمي القائم من دون هدم مؤسساته الحالية، لأن فيها الكثير من الايجابيات، وهي في الوقت نفسه بحاجة الى الكثير من التحديث والحقن التكنولوجي، ويستكمل البنى الأساسية، حتى يسهل حركة الاتجاه الثاني والذي يسعى الى استحداث نظام تعليمي جديد في فلسفته وأهدافه وبرامجه ومناهجه وأدواته وأساليبه، وان تطوير النظام الحالي يجب ألا يتم دفعة واحدة وبأسلوب مفاجئ حتى لا يفشل، بل لا بد من تهيئة القاعدة التنفيذية وتدريبها، ولا بد من إقناع القيادات الحالية لتواكب التطوير من دون خوف من فقدان سلطاتها، وفي الوقت نفسه لا يمثل التطوير المرحلي المتدرج بديلا عن الاصلاح الجذري الشامل واستحداث نظام متطور مرتبط بحركة المجتمع الكويتي في المستقبل، اذاً لابد ان تسير الكويت في المسارين المتوازيين: - مسار تطوير المؤسسات القائمة (التحديث) ومسار التطوير المؤسسي الشامل (الاستحداث).

back to top