الحل والحال: الأسئلة المشروعة حول الدوائر الانتخابية المضغوطة

نشر في 31-03-2008
آخر تحديث 31-03-2008 | 00:00
 نادية علي الشراح

إن أي تغيير بخفض عدد الدوائر، يعني إعادة دمج البلد ببعضه وهو مكسب كبير حتى لو كان يعني نتائج لا نرغب ببعضها، فبعد 27 سنة من التفتيت وتعميق العصبيات الصغيرة، ليس من المتوقع أن يجني البلد نتائج الدمج حالاً، ولكن المؤكد أن كل انتخابات قادمة ستكون أفضل من سابقتها.

«نبيها خمس» كان الموضوع الساخن خلال انتخابات يونيو 2006، ولكنها انتخابات جرت على أساس الدوائر الـ25، والعيب أن هناك قوى أسقطت مشروع الدوائر الخمس، وفي المقابل أسقطتها سخونة الموضوع في الدوائر الـ25.

وخلال الانتخابات السابقة، وبعد تجربة ربع قرن، كان من السهل عمل الحسابات الانتخابية حول النتائج المحتملة، وكانت المساحة الضبابية التي تؤدي إلى خطأ في تلك الحسابات محدودة، بينما المساحة الضبابية في انتخابات مايو 2008 هي المساحة الغالبة.

ذلك الوضع يطرح بعض الأسئلة المشروعة، منها مثلا: هل القتال من أجل الدوائر الخمس كان في محله؟ ومنها وربما مرتبط بشدة به، هل بعض من قاتل من أجل الدوائر الخمس سوف يدفع الثمن؟

أعتقد أن علينا أن ننظر إلى الأمر بكلياته، فقد نتضرر من الجزئيات وهو أمر يحدث، لذلك قد يكون ربط الإجابتين ببعضهما خطأ فادحا، فليس مهماً من يستفيد أو يتضرر من التغيير في الزمن القصير، والمهم هو الإجابة عن السؤال المشروع الأهم، وهو: أين مصلحة البلد من تغيير الدوائر إلى الأدنى؟

وقليل من التاريخ قبل الإجابة عن الأسئلة، فالدوائر الـ25 كانت نتاج حل غير دستوري في عام 1976 هدفه المحدد والقاطع هو تنقيح الدستور، والتنقيح هنا كان لتفريغه من محتواه، وعندما فشلت الخطة الأصلية، قدمت الخطة البديلة التي لم تكن أقل سوءاً بكثير عن الأولى، وكان تفتيت الدوائر إلى 25 دائرة لتسهيل التأثير على نتائج الانتخابات بالمال والواسطة أو تخريب قيم الناس وسلامة النظام العام. وأدى التفتيت إلى الأسوأ، وهو تفتيت البلد وتحويل الولاءات إلى القبيلة والطائفة والعائلة، على حساب الولاء للكويت، واستخدم الانتماء إلى هذه العصبيات لمزيد من كسر النظم وتمييع القانون وتحويل الاهتمام إلى الهبات والعطايا، من دون واجبات.

وأي تغيير يعكس ذلك الواقع المرير بخفض عدد الدوائر، يعني إعادة دمج البلد ببعضه وهو مكسب كبير حتى لو كان يعني نتائج لا نرغب ببعضها، فبعد 27 سنة من التفتيت وتعميق العصبيات الصغيرة، ليس من المتوقع أن يجني البلد نتائج الدمج حالاً، ولكن المؤكد أن كل انتخابات قادمة ستكون أفضل من سابقتها.

وإذا حالفنا الحظ، وكانت نتائج الانتخابات جيدة، وجاءت إلى مجلس الأمة بنواب يحملون هموم الكويت وآمالها الكبيرة، فلا بد للمعركة المستحقة القادمة من أن تكون مزيداً من إعادة اللحمة إلى البلد، وهناك أكثر من مشروع لدمج كل الكويت في دائرة واحدة.

وإلى جانب توحيد البلد بعد تقطيع أوصاله فإن تمثيل الكل في مجلس الأمة في الدائرة الواحدة مضمون تقريبا، فالكل مرشح الكل، والفوز نسبي وعادل، بمعنى أن المقاعد توزع طبقاً لما يحصل عليه المرشح أو القائمة تماماً.

والصحيح أن كل الأسئلة مشروعة، ولكن عند الإجابة يجب أن نتسامى فوق مصالحنا ومشاعرنا الآنية.

back to top