قانون ذمة مالية للصحافيين أيضا!!

نشر في 07-08-2007
آخر تحديث 07-08-2007 | 00:00
 سعد العجمي

خلال مناقشة قانون «من أين لك هذا؟» سعياً إلى تطبيقه على نواب الأمة لضبط عملية الكسب غير المشروع، سألت نفسي: لماذا لا يكون هناك قانون مشابه يتم العمل به في بلاط صاحبة الجلالة؟

بعد انتهاء أعمال مؤتمر نظمته إحدى الوزارات «التوجيهية» لدينا قبل فترة، دعا المنظمون «أثابهم الله» الصحافيين إلى حفل غداء تكريماً لهم على تغطيتهم أعمال المؤتمر. ولأنني عادة لا أهتم بحضور مثل هذه المناسبات، وكذلك الزميل سعد العنزي مراسل «الجزيرة»، إلا أن وجودنا في مجلس الأمة صادفه اتصال تلقيناه من أحد المنظمين شدد على حضورنا، فقررنا الذهاب سويا. خلال الحفل، الذي حضره عدد غير قليل من الصحافيين بعضهم لم نره خلال تغطيتنا للمؤتمر، تم توزيع دروع تذكارية علينا، كانت الدروع موضوعة في علب حمراء أنيقة، لكن غير الأنيق و«المقرف»، هو ذلك المبلغ من المال الذي وضع تحت الدرع، أذكر أن الزميل سعد وأنا الوحيدان اللذان اعتذرا للمنظمين وأعدنا المبلغ، وانصرفنا من المكان، ولا ندري هل عاد إلى خزينة الوزاره أم أدرج في حساب «النثريات».

تذكرت هذه الحادثة خلال مناقشة قانون «من أين لك هذا؟» سعياً الى تطبيقه على نواب الأمة لضبط عملية الكسب غير المشروع، وسألت نفسي، لماذا لا يكون هناك قانون مشابه يتم العمل به في بلاط صاحبة الجلالة؟ كون تأثير الصحافي لا يقل أهمية في المجتمع عن النائب، إن لم يكن أكثر، نظراً للوظيفة التي يشغلها، فخبره أو مقاله، الذي يكتب، يدخل كل بيت، ويسهم في تشكيل رأي عام لأي قضية خلافية مطروحة.

ما يشهده شارع الصحافة في هذه الفترة من عملية انقسام، وفرز صحفي، حول جملة من القضايا المطروحة، إضافة إلى أن المرحلة المقبلة التي ستشهد حسم استحقاقات سياسية قد تتحدد معها ملامح مستقبل العمل السياسي في الكويت. ولأن الصحافة ستكون إحدى أدوات ذلك الحسم، فإن أهمية وخطورة الخبر المكتوب، والرأي المنشور في حشد التأييد أو الرفض الشعبي لهذا الخيار أو ذاك، تبرز بشكل واضح.

ولأن المال السياسي، أو ذلك المال الذي يدفع الى تحقيق مصالح شخصية، سياسية كانت أو اقتصادية، قد أفسد كل ما هو جميل في العمل السياسي، فإن الجسد الصحفي بات هدفاً لمؤسسة الفساد، فأصبح شراء القلم والضمير، أسهل من شراء قطعة أثاث بالية من سوق «الجمعة»... للأسف.

وحتى لا نكون ملكيين أكثر من الملك، فإن التشريعات ذات الصلة، كقانون المطبوعات والنشر، تركت الصحافي عرضة للإغراء والاستمالة، فهي لم تشرع ما يضمن حقوقه المادية، كتحديد سقف للراتب، إضافة إلى فقدانه الاستقرار الوظيفي، فقرار فصله أو بقائه في المطبوعة، رهن بمزاجية رئيس التحرير، وهنا، وعلى سبيل المثال، تكمن أهمية تشكيل هيئة مستقلة من وزارة الإعلام والعدل وجمعية الصحافيين وجمعية المحامين للنظر في تظلمات الصحافيين إذا ما تعرضوا للفصل.

* * *

مع عودة الحديث عن انقلاب وشيك على الدستور خلال الفترة القليلة المقبلة، ولأن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ستكونان في قلب العاصفة، وسيكون الوزراء والنواب جميعهم على المحك من خلال تعاطيهم مع الإشكال المنتظر، تذكرت وليد الجري وأنس الرشيد.

back to top