زرقاء اليمامة: لا أمجاد مع فكر لا ينهض بأمته!

نشر في 23-11-2007
آخر تحديث 23-11-2007 | 00:00
استطاع العالم المتحضّر رغم تخلفه قديماً وضعف أمجاده أن ينهض ويسبقنا، وأمجادنا صارت رماداً أمامهم ونهضوا بالعلم والتقنيات والنجاحات الحضارية، ونحن لازلنا نتقاتل في ما بيننا... تكتلات وأحزاباً واختلافات بلا فكر، وإن نحن نملك العقل والفكر معاً لما استطاعوا أن يغزونا فكرياً ونفسياً وسياسياً وجغرافياً.
 الجوهرة القويضي إن من أسباب الفوضى الفكرية الاستناد إلى عقول بلا معرفة أو تحصيل معرفة بلا عقل مفكر ومدبر، فالمفكرون يسعون بأممهم ويعملون على النهوض بها، فكل عمل لا فائدة تُرتجى منه في إصلاح الفرد والأمة هو عمل عبثي، والنشاط الفكري هو القوة الدافعة للأحداث التاريخية، فكل التاريخ عبارة عن تاريخ الفكر، وكل ما يجري في عالمنا من الإرهابيين العرب نتيجة للأفكار الهدامة التي تحولت إلى أدوات للقتل أو الهدم بدلاً من البناء والسير في ركب الحضارة البشرية، ويبدو أن النزعة العدوانية متوارثة لدينا منذ الجاهلية الأولى، وإلى يومنا هذا نغني على أمجادها، ونقول الله أكبر على انتصارنا على العالم، وأمجاد يا عرب أمجاد، ولم نستطع أن ننزع عباءة القبيلة الأولى من التقاليد والأعراف البالية، التي اكتسبت قوة القداسة بوثنية وتخلف وسادية، وأكرر إن ثقافة الموت والعنف هذه ورثناها من السلف منذ أكثر من 15 قرناً متمثلة بقول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:

إِذَا بَلَغَ الفِطَـامَ لَنَـا صَبِيٌّ

تَخِرُّ لَـهُ الجَبَابِرُ سَاجِدِينَـا

ومروراً بالمتنبي الذي قال:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

حتى يراق على جوانبه الدم

والجواهري الذي قال:

وطن تشيده الجماجم والدم

تتهدم الدنيا ولا يتهدم

وكما يقال: التاريخ يعيد نفسه، أم تدور الأرض دورتها وتعاد الحكايات السابقة لعدم التجديد؟! ونحن في وقتنا المعاصر، نرى أن كل شعوبنا تتصارع على كل شاردة وواردة، فإن ابتعدوا عن الحرب الإنسانية والمواجهة فلن يخلوا من الحرب النفسية والمواجهات والحسد والنميمة والوشايات لوقف الآخر عن النمو، وهكذا بقينا نراوح ثقافياً في مكاننا منذ العهد الجاهلي حتى الآن دونما تغيير يذكر. فمهما تغيرت الأزياء والمظاهر الخارجية، من البداوة إلى الحضارة فالجوهر هو ذاته. فقد ربطنا معاني الشرف والقيم والأخلاق والعقيدة وبناء الأوطان بالعدوان والدم، وثورة فتل العضلات الإنشائية بالكلام الموجع، والصراعات بميليشيات القتل والتدمير، وثورة العالم المتحضّر الذي استطاع رغم تخلفه قديماً وضعف أمجاده أن ينهض ويسبقنا، وأمجادنا صارت رماداً أمامهم ونهضوا بالعلم والتقنيات والنجاحات الحضارية، ونحن لازلنا نتقاتل في ما بيننا... تكتلات وأحزاباً واختلافات بلا فكر، وإن نحن نملك العقل والفكر معاً لما استطاعوا أن يغزونا فكرياً ونفسياً وسياسياً وجغرافياً، وبعلومهم غزونا وبضعفنا استسلمنا، فلنصنع لذواتنا مساحات منتجة بفكر كل من موقعه، ولنبدع كل في تخصصه ولنرتق، يحترمنا كل من حولنا، ويرحلوا عنا لأننا أصبحنا أقوياء متماسكين كالجسد الواحد الذي لا يحسد نفسه ولا يكره الخير لباقي أجزائه حتى يتنامى في قمة لا يستباح لأحد اختراقها، أختم بقولي: «أمنّي النفس بأن سيكون القادم أجمل».

وقفة شفافة:

أريد أن أخرج من كل الحركات ولو بخيبة، لا أحب أن ترفع جروحي بآهات، ولا كسر ظهري بغيابات، ولا نصب جراحاتي ولو بفتحة ضوء قريبة، فرأيت ذات مساء نامت فيه كل العيون، أن عينيّ ترمشان معاً وتتحركان معا، وتبكيان معاً، وتتألقان بالفرح معاً، وتريان الأشياء معاً، وتنامان معاً، ورغم ذلك لا تريان بعضهما ولا تلمسان بعضهما، غريبتان قريبتان ياه ه ه، كم هي مدهشة لغة العيون في كل حالاتها!!

back to top