لسان... وحنجرة... وروب

نشر في 01-02-2008
آخر تحديث 01-02-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي أثارت قصيدة الشاعر المبدع حمود البغيلي استياء مجموعة من الزملاء المحامين، والتي تنعت المحامي «بالحرامي» وأنه يجب ألا يوصف أصحاب هذه المهنة العريقة «بالحرامية»، وأنه يجب أن تكون هناك وقفة حازمة لكل من يسيء إلى هذه المهنة العتيدة. وفي الحقيقة وبكل موضوعية وتجرد فإنه لديّ العديد من الملاحظات على استياء زملائي المحامين، ولعل أهمها بادئ ذي بدء أن مهنة المحاماة من المهن الإنسانية التي تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان أينما وجد... إلا أنه ومما لا يخفى على كل ذي لبّ أخذت هذه المهنة بالانحدار منذ ابتعاد الرواد الأوائل عن دورهم الرئيسي والمهم في توعية الشارع والمجتمع من ناحية، ونصح وإرشاد زملائهم من الجيل الجديد من ناحية أخرى... فلقد انضمّ إلى هذا الجسد فئة وإن كانت قليلة إلا أنها استطاعت أن تسيطر على كل شيء بدءاً من جمعية المحامين وانتهاءً بالإعلام والفضائيات، حتى أصبح الانطباع لدى رجل الشارع أو المواطن العادي بأن كلّ المحامين وجُلّهم على شاكلة هذه الفئة.

أعود إلى أول ما بدأت به حديثي بأن مهنة المحاماة مثل أي مهنة في العالم كالطبيب والمهندس والمدرس، توجد هناك من بين هذه الفئات عناصر فاسدة ومرتشية، فلماذا يا ترى عندما يوصف المحامون بأن فيهم «الحرامي» و«النصاب» و«المرتشي» تثور ثائرة البعض وينتفض غضباً ويريد أن يثأر لمهنته؟! ولماذا يا ترى ننتقد بعض المهن الأخرى عندما تتحزّب و«تتعنصر» ونزعل ونمتعض عندما يقال عن المحامي ما يقال، ونتحزّب للمهنة في الوقت الذي ننتقد فيه غيرنا من المتحزبين؟! فهذه، وفي النهاية، مهنة يوجد فيها الغثّ والسمين، وليس كل من حصل على شهادة الحقوق أصبح محامياً شريفاً... أوَليس هناك مدرسٌ مرتش أو دكتور بائع للضمير أو مهندس خائن للأمانة؟!

إن الحديث عن المحامين والمحاماة طويل وشاق، وأعلم تماماً أن حديثي هذا قد يغضب الكثير من زملائي وأصحابي المحامين، لكن دعونا نقلْها وبكل شفافية: لقد انحدرت هذه المهنة إلى الدرك الأسفل، وهناك فئة تمارس كل أنواع الغش والفساد وتبيع الذمم والضمائر إلى أن أصبحت كما يقال ويشاع «مهنة من لا مهنة له». ولا أعلم وبأمانة شديدة من الجهة المسؤولة عن وضع حدّ لهذا التدهور الحاصل وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، فمستقبل هذه المهنة «مظلم» ولا يعلم إلا الله ماذا ستكون حالنا بعد «خمس» أو «عشر» سنوات، لأن كل شيء في هذا البلد تبدل وتغير إلى الأسوأ و«جمعية المحامين» مقيدة وليست لديها الأدوات والوسائل الكافية لتنقية وتصفية هذه المهنة من الشواذ، وأنا هنا أتحدث عن جمعية المحامين بشكل عام لأن هناك من يحب الاصطياد في الماء «العكر والزفر»، فالمحامون يزاولون المهنة وبالمئات، وليس هناك «نقابة» تنظم أمورهم وترعى مصالحهم، ويكون بيدها زمام الأمور.

على العموم لدينا الآن فرصة ذهبية لجمعية المحامين فوزير «الشؤون» محام سابق، وليس لهم أي عذر في العمل على تحويل الجمعية إلى نقابة.

back to top