هل من السهل إصلاح التربية والتعليم (2)؟
كتبت في المقال السابق عن أهمية دور المعلم، وأهمية إعداده إعداداً جيداً، لكونه «الركيزة الأساسية» في النظام التربوي. وقد ذكرت في الجزء الأول دور الجامعات وتأثيرها. وفي هذا الجزء أستكمل لحضراتكم بقية المسارات المقترحة لإصلاح دور المعلم في هذه المنظومة المتكاملة.
المسار الثاني:
- اختبار المعلمين للحصول على «رخصة المعلم»، أو إعادة تأهيلهم في معهد متخصص تابع لوزارة التربية.
- دراسة سنة مكثفة في معهد المعلمين للتخصصات غير التربوية «للمدرسين الجدد».
- إعطاء دورات تنشيطية سنوية لكل المدرسين، لمعرفة آخر مستجدات التعليم وطرق التدريس، وعرض المعوقات والحلول التربوية، وترسيخ القيم.
- إعادة تصنيف «الرتب التعليمية» بحسب خبرات كل «مدرس» من: مدرس مبتدئ «شارح للمقرر» إلى لقب معلم، ثم إلى «أستاذ المعلمين».
- إعطاء مميزات مادية و«وظيفية» لكل مسمى، وإعفاء كبار المعلمين من تكاليف المراقبة وغيرها، تقديراً لخبراتهم ومكانتهم.
- امتيازات اجتماعية خارج نطاق العمل، بحسب التدرج، لتقدير دور كبار المعلمين في المجتمع، «فالتقدير سر العطاء».
المسار الثالث:
هناك صنفان من المعلمين، الأول يرغب في الإدارة، والثاني يفضل التعليم على الإدارة. وكما تعلمون، أن المعلم المتمكن المثقف، القريب من الطلبة، هو عصب التربية بلا شك. فلذلك أرى أنه ليس من مصلحة وزارة التربية فتح باب تنافس المعلمين على الوظائف الإشرافية في «سن مبكرة»! فقد أصبحت هي الهدف والحلم النهائي للمعلمين. فلماذا نخسر جاذبية المعلم الفعّال القريب من الطلبة ونحوله إلى إداري في فترة قصيرة قبل أوانه! إن كان التكليف والقيام بالأعمال يفي بالغرض!
أقترح على وزارة التربية أن تفتح مساراً جديداً في الهيكل الوظيفي للمعلمين، تُعطي فيه مميزات وظيفية ومادية، وفرصاً للبعثات الدراسية، لمن أراد أن يرتقي بشهادته وفي سلم التعليم، ويصبح أستاذاً للمعلمين والطلبة، ويبقى «موجهاً دائماً في المدرسة»، يساعد الإدارة في التقييم، ومعلماً في معهد وزارة التربية، وأستاذاً زائراً أو منتدباً من وزارة التربية إلى الجامعات، يُستعان بخبراته العملية في الميدان التربوي، ويكون باحثاً في الشؤون التربوية والتعليمية، خاصة لمن يتمتعون بدرجة الماجستير والدكتوراه، فيدرّسون الحصص المطلوبة منهم ثم يُكملون عملهم في قسم تطوير المناهج التربوية والأبحاث. ويُعفَون من تكاليف المراقبة وغيرها، ويعاملون كما يعامل «أستاذ الجامعة» فلا يكلّفون إلا بمهام تعليمية وبحثية فقط. فلذلك يجب أن نعطي لهؤلاء المعلمين فرصاً حقيقية ليمارسوا دورهم كمعلمين و«باحثين» في التربية، ومساعدين في تطوير المناهج وطرق التدريس والتقييم، وألا نهدر أوقاتهم في تكاليف أخرى.
عزيزي القارئ، إن تضافر كل هذه الجهود وإعادة صفوف المعلمين في المكان الصحيح، سوف يساعدنا في إعداد معلمين ذوي رؤية تربوية عميقة، وثقافة عالية. وإذا نجحنا في إعداد المعلمين، فقد نجحنا في إعداد جيل مثقف واعٍ محب للعلم.