«التربية»: تجريم غش الاختبارات صون للمصداقية والعدالة

• الطبطبائي: إنجاز يترجم حرص القيادة السياسية على حماية مستقبل الطلبة
• تسريب الامتحانات أو الغش فيها يتجاوز المخالفة إلى تهديد سمعة الكويت التعليمية
• تكثيف الحملات وتعزيز منظومة القيم والانضباط بالتعاون مع الجهات المعنية

نشر في 06-06-2025
آخر تحديث 05-06-2025 | 19:27
وزير التربية المهندس سيد جلال سيد عبدالمحسن الطبطبائي
وزير التربية المهندس سيد جلال سيد عبدالمحسن الطبطبائي

بينما ثمن وزير التربية سيد جلال الطبطبائي قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع مرسوم بقانون لتجريم الأفعال المرتبطة بالغش وتسريب الاختبارات، معتبراً إياه إنجازاً يترجم حرص القيادة السياسية على حماية مستقبل الطلبة، تعوِّل أوساط تربوية على القرار باعتباره بارقة أمل إصلاحية لمعالجة ظاهرة الغش وتسريب وبيع الاختبارات، التي تحولت إلى سوق رائج امتهن خلاله البعض كسب المال الحرام على حساب الوطن ومستقبل الأجيال.

وأشاد الطبطبائي بالقرار واعتبره محطة مفصلية في مسار صون العدالة التعليمية، وتعزيز الشفافية والمصداقية في التقييم التربوي، معرباً عن شكره لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله، ووزير العدل المستشار ناصر السميط، وكل من ساهم في إعداد واعتماد هذا الإطار القانوني المتكامل.

وأكد أن مشروع القانون نصّ صراحة على تجريم جميع الأفعال المرتبطة بطباعة أو نشر أو إذاعة أو ترويج أو بيع أو تسريب أسئلة اختبارات التعليم المتوسط أو الثانوي، في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، موضحاً أن تسريب الامتحانات أو الغش فيها تهديد مباشر لسمعة الكويت التعليمية، وزعزعة للثقة بالمؤسسة التربوية.

وأعلن الطبطبائي استعداد «التربية» لتكثيف الحملات، وتعزيز منظومة القيم والانضباط بالتعاون مع الجهات المعنية.

وتعوّل الجهات التربوية على أن يؤدي القرار إلى كبح قضية تسريب الاختبارات والغش التي لم تكن وليدة العام، إذ واجهتها «التربية» منذ سنوات، وعمدت في 2018 إلى إصدار لائحة مشددة للعقوبات، تبعها تشكيل لجان تحقيق في تسريب اختبارات عام 2020، لتأتي أزمة اختبارات منتصف العام الماضي بتسريب اختبار التربية الإسلامية الذي أوقفته الوزارة، وتمكنت بالتنسيق مع وزارة الداخلية من ضبط مسؤول في المطبعة السرية كان وراء التسريب.

اعتماد 28 لجنة لتأليف المناهج الجديدة

أكدت مصادر تربوية لـ «الجريدة» أن وزارة التربية اعتمدت تشكيل 28 لجنة لتأليف المناهج الجديدة، التزاماً بقرار الوزير سيد جلال الطبطبائي، أواخر مايو الماضي، القاضي ببدء إجراءات تأليف مناهج جديدة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة.

وأوضحت المصادر أن التواجيه الفنية للمواد بدأت فعلياً أعمال التأليف بعد أيام قليلة من إعلان الوزير، لافتة إلى أن لجان التأليف بدأت عملها مطلع الشهر الجاري.

وبحسب خطة الطبطبائي فإن اللجان ستنتهي من أعمالها نهاية الجاري، لعرض النتائج على مختصين في المناهج لاعتمادها والبدء في إجراءات ترسية عقود الطباعة، لتكون الكتب الجديدة جاهزة للتوزيع مطلع العام الدراسي المقبل.

وفي تفاصيل الخبر:

بينما ثمّن وزير التربية، سيد جلال الطبطبائي، قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع مرسوم بقانون لتجريم الأفعال المرتبطة بالغش وتسريب الاختبارات، أجمعت الجهات التربوية المعنية على أن القرار يمثل بارقة أمل لإصلاح ما أفسده الدهر عبر سنوات من انتشار ظاهرة الغش وتسريب الاختبارات، والتي شكلت سوقاً رائجاً في منصات التواصل الاجتماعي، عبر حسابات امتهنت الكسب الحرام على حساب مستقبل الأجيال والوطن.

واعتبر الطبطبائي أن القرار محطة مفصلية في مسار صون العدالة التعليمية، وتعزيز الشفافية والمصداقية في التقييم التربوي، معرباً عن خالص شكره وتقديره إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، الشيخ أحمد العبدالله، وإلى وزير العدل المستشار ناصر السميط، ومستشاري وزارة العدل، وقطاع الفتوى والتشريع، وكل من ساهم في إعداد واعتماد هذا الإطار القانوني المتكامل، مشيدًا بتضافر الجهود وتعاون مختلف قطاعات الدولة لتحقيق هذا الإنجاز، الذي يُعد ترجمة صادقة لحرص القيادة السياسية على حماية مستقبل الطلبة.

وأكد أن مشروع القانون نصّ صراحة على تجريم جميع الأفعال المرتبطة بطباعة أو نشر أو إذاعة أو ترويج أو بيع أو عرض أو تسريب أسئلة أو إجابات اختبارات التعليم المتوسط أو الثانوي، في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بأي وسيلة كانت، متى اقترنت هذه الأفعال بقصد الغش أو تسهيله أو الإخلال بنظام الامتحانات أو التأثير في نزاهتها وسلامتها.

كما أكد الوزير أن تسريب الامتحانات أو الغش فيها لا يُعد فقط مخالفة قانونية، إنما تهديد مباشر لسمعة الكويت التعليمية، ومحاولة لزعزعة الثقة بالمؤسسة التربوية، الأمر الذي يتطلب موقفاً حازماً لوضع حد لكل من تسوّل له نفسه العبث بمبادئ النزاهة أو تقويض قيم العدالة التعليمية.

وشدّد على أن هذا القرار يمثل رسالة واضحة بأن الدولة عازمة على حماية المنظومة التعليمية، والحفاظ على مكانة مؤسساتها وصون كرامتها، مشيراً إلى أن «التربية» لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من تسهم أفعاله في الإضرار بسير العملية التعليمية أو نتائجها.

وأشاد الطبطبائي في ختام تصريحه بالدور الكبير الذي يبذله العاملون في الوزارة، في تطبيق الضوابط والتعليمات، مجدداً التزاخها بتكثيف الحملات التوعية، وتعزيز منظومة القيم والانضباط بالتعاون مع كل الجهات المعنية.

المشروع محطة مفصلية في تعزيز الشفافية والمصداقية في التقييم التربوي

ظاهرة التسريب

موضوع الغش وتسريب الاختبارات ليس جديدا أو وليد العام الحالي، فقد واجهت «التربية» على مدى سنوات ماضية ظاهرة انتشرت كالنار في الهشيم، عبر ترويج حسابات مشبوهة لتجارة حرام تتمثل ببيع نماذج اختبارات لتحقيق الكسب المادي على حساب مصلحة الوطن وعدالة المنظومة التعليمية، وهو ما دفع الدولة للبحث عن حلول جذرية للمشكلة من خلال إصدار قرار يجرم هذه الممارسات، ويقضي بعقوبات رادعة لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن وسلامة المنظومة التعليمية.

البداية كانت بانتشار «الغش الإلكتروني» عبر حسابات في برامج ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث بدأت منذ قرابة الـ 10 سنوات في ترويج نماذج الاختبارات، ثم انتقلت هذه الحسابات إلى ما سمي بـ»قروبات الغش»، والتي كانت تتلقى مبالغ مالية تبدأ بـ 150 وتصل إلى 200 دينار نظير الاشتراك بها، ليتلقى الطالب نموذج الحل لكل مادة عبرها بعد دقائق من بدء وقت الاختبارات، ويحقق نتائج وهمية كانت معول هدم للمنظومة التعليمية، والتي دمرت مستقبل الطلبة أنفسهم، إذ إن نتائجهم الوهمية خولتهم الحصول على بعثات ومقاعد في جامعات لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم فيها، وبالتالي فشلهم وعودتهم خائبين.

الوزارة ملتزمة بتكثيف حملات التوعية وتعزيز منظومة القيم والانضباط

لائحة مشددة

وفي عام 2018 أثناء تولي وزير التربية الأسبق، د. حامد العازمي، حقيبة التربية والتعليم العالي آنذاك، ونتيجة لانتشار هذه الظاهرة، أصدرت «التربية» لائحة عقوبات مشددة، وتم تطبيقها بحزم، ما ساهم في خفض حالات الغش بشكل ملحوظ، حتى ان بعض الطلبة وأولياء الأمور نظموا اعتصاما أمام مبنى الوزارة للمطالبة بالعدول عن تطبيق هذه اللائحة.

وفي يناير 2020 ونتيجة لتفشي الظاهرة وكثرة عدد حالات الحرمان نتيجة الغش، أمر وزير التربية الأسبق، د. سعود الحربي، بتشكيل لجنة تحقيق بشأن تسريب اختبارات الصف الثاني عشر، لبحث وتقصي الملابسات التي شهدتها الاختبارات.

وكان آخر ما تم اكتشافه من عمليات التسريب وبيع الاختبارات، ما حدث في اختبارات منتصف العام الدراسي الماضي 2023/2024 من تسريب لاختبار مادة التربية الإسلامية، حيث كان مسؤول بالمطبعة السرية متورطا بالتسريب إلى موظفة بـ «مالية التربية»، ومنها إلى معلم ثانوي بمدرسة ابنها، الأمر الذي دفع الوزارة إلى وقف الاختبار وترحليه إلى يوم آخر، وإنهاء تكليف جميع العاملين بالمطبعة السرية وإعادة طباعة جميع الاختبارات، لضمان عدم تسربها هي الأخرى، ما وضع الوزارة في حرج كبير، وتسبب في أزمة تربوية.

تقاضي 200 دينار من الطالب للاشتراك بالغش أدى إلى نتائج دراسية وهمية وفشل للطالب نفسه

أعضاء الكنترول

وبعد تولي وزير التربية الحالي، سيد جلال الطبطبائي، حقيبة التربية، ورصد مخالفات في «المطبعة السرية»، أمر بإعادة طباعة امتحانات «الثانوية»، وذكرت الوزارة «أنه بعد إجراء مراجعة دقيقة لكل البيانات المتعلقة بأسماء أعضاء الكنترول، والمطبعة السرية المركزية، والمطابع السرية في المناطق التعليمية تبين وجود صلة قرابة من الدرجة الأولى لـ7 أعضاء في المطبعة السرية المركزية، واكتشاف صلات قرابة من الدرجة الأولى لأعضاء آخرين في 3 مطابع سرية تابعة للمناطق التعليمية، وهو ما يمثل خرقاً للوائح المنظمة للعمل.

وقد ساهمت هذه الإجراءات في انخفاض حالات الحرمان من الاختبارات بنسبة 45.5% عن الأعوام الماضية، بعد أن كانت «التربية» تسجل حالات حرمان بالمئات في كل مادة دراسية في سنوات ماضية.

وعلى اثر هذه الحادثة والحوادث التي سبقتها في سنوات ماضية، تحركت «التربية» وباشرت التنسيق مع وزارة الداخلية لرصد الحسابات والتعامل معها بشكل مباشر لكبح جماح هذه الظاهرة والتغلب عليها قبل استفحالها، وهدم المنظومة التعليمية، ما أسفر عن ضبط عدد من المتورطين منهم عاملون في التربية وآخرون خارجها، حيث حكمة محكمة الجنايات في حكم بارز مؤخرا بالسجن على مسربي اختبارات الثانوية بأحكام وصلت إلى 10 سنوات، وتغريمهم 42 ألف دينار بعد أن أدانت 6 منهم.

«جودة التعليم» دعت للأخذ بمقترحها لمواجهة الغش

أشادت الجمعية الكويتية لجودة التعليم بموافقة مجلس الوزراء على تعديل قانون الجزاء، بهدف حماية نزاهة العملية التعليمية في المرحلتين المتوسطة والثانوية ومكافحة مظاهر الغش والتلاعب التي تهدد جودة التعليم، وذلك بتجريم كل فعل يتضمن طباعة أو نشر أو إذاعة أو ترويج أو بيع أو حتى عرض للبيع أو تسريب أسئلة أو إجابات اختبارات التعليم المتوسط أو الثانوي، الحكومي أو غير الحكومي، بأي وسيلة كانت، متى اقترنت هذه الأفعال بقصد الغش أو تسهيله أو الإخلال بنظام الاختبارات أو التأثير في صحتها وسلامته، بعقوبات تتضمن الحبس والغرامة.

وقالت الجمعية، في بيان لها، إنها تود أن تسترعي انتباه مجلس الوزراء، ليقوم بمراجعة مقترح قانون محاربة الغش الذي تقدَّمت به في يوليو 2024 إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء، كما قدَّمته أيضاً في أكتوبر من نفس العام لوزير التعليم العالي والبحث العلمي وزير التربية بالوكالة، حيث لا يشمل تجريم الغش باختبارات التعليم المتوسط والثانوي فحسب، بل في كل مؤسسات التعليم الأخرى، كالجامعة و«التطبيقي»، إضافة إلى أي اختبار يجري في جهة حكومية أو خاصة، ليجرم الإخلال بنظم التقييم والامتحانات، ويحدد القانون العقوبات والجزاءات وأنواعها.

وأضافت: «لقد مارست (جودة التعليم) دورها في مكافحة الغش طوال السنوات العشر الماضية، وتقدمت ببلاغين للنيابة العامة خلال تلك السنوات، ومارست ضغوطها حتى صدور قرار صفر الطالب الغشاش عام 2018، والذي لم يأت بنتائج مُرضية، ما يتطلب إصدار قانون صارم يجتث تلك الآفة من قطاعات التعليم كافة».

back to top