رياح وأوتاد: هل صحيح أن القروض ستؤدي إلى التنمية والاستدامة أم العكس؟

نشر في 05-06-2025
آخر تحديث 04-06-2025 | 19:42
 أحمد يعقوب باقر

قالت وزيرة المالية في تصريح مليء بالتفاؤل إن عودة الكويت إلى الأسواق العالمية للاقتراض خطوة استراتيجية تدعم أهداف التنمية والنمو المستدام. وأكدت في سياق تصريحها أن الرؤية تركز على تقليل الاعتماد على النفط، والتنوع والابتكار وتعزيز الاستقرار المالي، وجذب المستثمرين، ومعيار لنمو القطاع الخاص.

ومن المعروف أن الاقتراض هو وسيلة لتوفير المال، وهو لا يعتبر خطة استثمارية أو تنموية في حد ذاته، ولن يحقق الأهداف التي ذكرتها الوزيرة ما لم يُستغل في مشاريع ذات عوائد تغطي الدَّين وفوائده، وتحقق إيرادات، وتوفر فرصاً وظيفية للعمالة الوطنية، ورغم أن الوزيرة ذكرت أن إصدارات الدين ستستخدم في تمويل مشاريع تنموية كبرى، فإنها لم تذكر إلا مشروعاً واحداً هو تطوير الخدمات اللوجستية والبنية التحتية للموانئ، ولا يخفى على الوزيرة أن هذا المشروع يحتاج إلى دراسة إقليمية حقيقية مع الدول المجاورة، وكذلك الجوانب الأخرى المحلية المتعلقة بالقيام بدوره المرتقب، وبالتالي فإن نتائج هذه الدراسة لابُد أن يتبعها دراسة جدوى مالية دقيقة، وإلا فسيتحول إلى مشروع للإنفاق الجاري مشابه لمشروع المطار الجديد.

أما بقية المشاريع التي ذكرتها الوزيرة فهي تحديث شبكات الطرق والجسور وإنشاء مستشفيات ومدارس حديثة، وكلها مشاريع صرف جارٍ، وستزيد العجز المالي، وهي تؤكد المخاوف التي ذكرها كثير من الاقتصاديين، وهي استخدام الدَّين العام في الصرف الجاري، وسداد العجز، وبالتالي تراكم الفوائد.

ويضاف إلى هذه المخاوف أيضاً تأكيد الوزيرة، في تصريحها، إعادة تسعير الخدمات الحكومية، ومراجعة وتقييم منظومة الدعومات، مما سيؤدي إلى تقليص ميزانية الأسرة والقوة الشرائية، وسينعكس بالتالي على القطاع الخاص، خصوصاً مع استمرار عدم تنفيذ الحكومة للقانون 49 لسنة 1982 الخاص بزيادة الرواتب كل سنتين على ضوء نفقات المعيشة.

إذا كانت لدى الوزيرة رغبة حقيقية لتحقيق ما ذكرته من الاستدامة والتنويع والإصلاحات الهيكلية لتعزيز المركز المالي وجذب المستثمرين، فكان الأولى أن تعلن مشاريع جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والاستثمارية والتعليمية والخدمية، وتوفير الأراضي والتسهيلات اللازمة لها، مع تقدير حجم الوظائف الجديدة التي ستوفرها والإيرادات المالية التي ستزيد الدخل العام للبلاد، وستجد بعد ذلك أن رؤوس الأموال الوطنية ستغطي تكاليف هذه المشروعات دون الحاجة إلى قروض ربوية خارجية.

back to top