لمجلس الوزراء: تضارب المصالح بالجامعة وحاجة سوق العمل
عُقد الخميس الماضي اجتماع مجلس جامعة الكويت برئاسة مديرتها الشابة أ. د. دينا الميلم التي نتمنى لها دوام التوفيق لترقى بهذا الصرح مجدداً، حيث يكاد يهوي بسبب بعض الإدارات السابقة بعد رحيل واحد من بين أفضل مديريها د. يوسف الرومي في نوفمبر 2022، وسنتوقف عند أحد أهم البنود على جدول أعمال الاجتماع، وهو العدد المقترح من عمادة القبول والتسجيل لقبول الطلبة المستجدين الكويتيين وأبناء الكويتيات لعام 2025-2026، وسنأخذ على وجه الخصوص مقاعد كلية الطب، كأحد أهم القطاعات التي يتطلبها سوق العمل، فبينما اقترحت عمادة القبول 180 مقعداً استناداً لإدارة التخطيط صاحبة الاختصاص بالإمكانيات المتاحة، والتي أجازت القبول حتى 190 مقعداً، إلا أن كلية الطب لم تقبل سوى 150 طالباً، وهذا تضارب في تحديد الأعداد، الأمر الذي انتهى، على ما يبدو، بفرض رأي كلية الطب.
إن ما أشرنا إليه آنفاً هو إجراء روتيني سنوي، إلا أن المشكلة ليست في روتينيته بل في مدى صحته، وتأتي عدم ثقتنا بذلك لعدة أمور، أهمها أن هناك حلقة وصل أساسية مفقودة لتحديد الأعداد وهي «حاجة سوق العمل»، وحلقة أخرى متمثلة في مدى التزام الدولة بتوفير المرافق لتلبية تلك الحاجة، فبينما نحتاج لآلاف الأطباء ومساعديهم تحدد إدارة التخطيط قدرة الجامعة بـ190 مقعداً والكلية تطالب بأقل من ذلك، وبينما يكتظ سوق العمل بخريجي كلية الشريعة التي طالبنا مراراً بوقف القبول فيها لسنوات متتالية لعدم حاجة سوق العمل فإن عمادة القبول بالجامعة تخصص لهم 940 مقعداً، وهي رسالة واضحة لأعزائنا بمجلس الوزراء أن المسألة تتمثل في سوء التخطيط وسوء توزيع الموارد والمرافق التعليمية طبقاً لحاجة سوق العمل، وللأسف بميزانية فاقت المليارين وصرح شامخ بالشدادية كلف المليارات! مما يتطلب من مجلسكم الموقر إعادة التوزيع لتلبية الحاجة الفعلية للسوق، حتى وإن تطلب الأمر تحويل مبانٍ وميزانيات من كليات إلى أخرى ككلية الطب والطب المساعد وتكنولوجيا العلوم الحديثة.
الأمر الآخر وجوب تحييد الكليات عن تحديد أعداد طلبتها، لأن هناك تضارباً كبيراً بالمصالح، ولا يُلام عليه أعضاء هيئة التدريس طالما لا يوجد ما يمنع من ذلك، فبينما يطالب الدكاترة بتقليل أعداد الطلبة، كالقول مثلاً بعدم توفر القاعات والمختبرات، وهو أمر برأينا يمكن حله كما أشرنا أعلاه، إلا أن هناك دكاترة من نفس الكليات يطالبون، وفي نفس اجتماع مجلس الجامعة الذي قلص أعداد طلبة كلية الطب، ويوافقون على تعديل لائحة شؤون أعضاء الهيئة الأكاديمية لتسمح لهم بمزاولة الخدمات الاستشارية والمكاتب المهنية والاستشارية والعيادات الطبية الخاصة ولزيادة مدة الترخيص لفتح مكتب مهني أو استشاري من 4 سنوات إلى 10 سنوات، بل وتجديده لمدد أخرى! وتنص اللائحة على أن المكاتب الاستشارية خارج الجامعة ويحق للدكتور امتلاكها جزئياً أو كلياً!
وهي رسالة أخرى لمجلس الوزراء لإعادة النظر في هذه اللائحة كون دكتور الجامعة موظفاً شبه حكومي، فكيف يسمح له بهذا الأسلوب الفضفاض ما يمنع منعاً باتاً لموظف حكومي آخر؟
لقد بات واضحاً ضرورة نقل مهمة تحديد أعداد مقاعد الطلبة إلى خارج جامعة الكويت مع الإبقاء على دور إدارة التخطيط، لتؤول المسؤولية للمجلس الأعلى للتعليم وللجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم وديوان الخدمة المدنية مجتمعة لتتولى معاً توفير حاجة سوق العمل.
***
نبارك لجريدة «الجريدة» عيد ميلادها الثامن عشر، الذي يحل غداً، لتستمر بالمهنيين ذوي الخبرات الصحافية العريقة أصحاب الإنجازات التي حققوها على مدى عقود من الزمن، ولتنطلق مجدداً كجريدة أخذت مكانتها المرموقة في قطاع الصحافة والرأي العام بدورها الكبير في الإبداع الصحافي والإصلاح لتصحيح المسار.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.