سرطان بايدن وإهمال الفحوصات الروتينية
أثار إعلان إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بسرطان البروستاتا في مرحلته الرابعة العديد من التساؤلات، خصوصاً بشأن سبب غياب الفحوصات الدورية، مثل اختبار المستضد البروستاتي النوعي (PSA)، رغم تمتعه بإمكانية الوصول إلى أفضل نظم الرعاية الصحية في العالم.
وفقاً لتصريحات ناطق باسم بايدن، لم يخضع الرئيس لأي اختبار PSA منذ عام 2014، حين كان في الحادية والسبعين من عُمره. هذا الإهمال يعود جزئياً إلى توصيات «قوة المهام الأميركية للخدمات الوقائية»، وهي لجنة مستقلة من الخبراء، أوصت منذ 2008 بعدم فحص الرجال فوق 75 عاماً، ثم وسَّعت توصيتها في 2012، لتشمل جميع الرجال، قبل أن تعدِّل موقفها جزئياً في 2018.
يرى مؤيدو هذه التوصيات، مثل الطبيب والمستشار السابق في إدارتَي أوباما وبايدن، إزيكييل إيمانويل، أن الفحوصات تؤدي أحياناً إلى علاجات غير ضرورية لسرطانات بطيئة النمو، مما يعرِّض المرضى لمضاعفات مثل العجز الجنسي. إيمانويل عبَّر عن رفضه للفحوصات والعلاجات للمسنين، مشيراً في مقال شهير له عام 2014 بعنوان: «لماذا آمل أن أموت في سن 75» إلى أنه لن يخضع لأي اختبار، حتى عندما أُجري له PSA رغماً عنه، وأنه أغلق الهاتف بوجه الطبيب قبل سماع النتيجة.
لكن هذه الرؤية أثارت انتقادات، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الإصابات بسرطان البروستاتا المتقدم بعد تطبيق توصيات إلغاء الفحص. فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة المعهد الوطني للسرطان عام 2020، أن الإصابات المتقدمة زادت بنسبة 5.2 في المئة سنوياً بين الرجال فوق 75 عاماً في الفترة ما بين 2010 و2016، لا سيما بين الرجال البيض.
اللافت أن أعضاء قوة المهام الحالية، التي لم تضم أطباء أورام، وعيَّن معظمهم وزير الصحة في إدارة بايدن، لم يُعيدوا النظر في تلك التوصيات رغم تغيُّر المعطيات، وركَّز العديد منهم في سيرهم الذاتية على قضايا «العدالة والتنوع» أكثر من الكفاءة الإكلينيكية.
تشخيص بايدن المتأخر كان يمكن تجنبه، وربما تم اكتشاف المرض في مرحلة أبكر لو أُجريت له الفحوصات السنوية. ورغم حالته المتقدمة، فإن تطور العلاجات ساعد في تحسين فرص تعافيه، ومن بينها عقار «Xtandi» من شركة فايزر، الذي اختير ضمن برنامج تسعير الأدوية بموجب قانون خفض التضخم.
إلا أن هذا القانون قد يأتي بنتائج عكسية، فـ «Xtandi» تم اعتماده أول مرة عام 2012، ثم وُسع استخدامه، ليشمل النوع الذي يعانيه بايدن عام 2019. ولو فُرضت عليه ضوابط تسعيرية مبكراً، ربما لم تُطوَّر استخداماته لاحقاً.
في النهاية، تسلِّط قضية بايدن الضوء على مفارقة مزعجة: الخبراء أنفسهم الذين عارضوا فحوصات السرطان لكبار السن، هم مَنْ يدعمون سياسات قد تعوق تطوير علاجات منقذة للحياة. فما ثمن «الخبرة» إذا كانت تأتي على حساب أعمار البشر؟
*أليسيا فينلي