في المرمى: ميثاق الأندية وصرخة الاحتراف المكبوت!

نشر في 26-05-2025
آخر تحديث 25-05-2025 | 20:06
 عبدالكريم الشمالي

أثار السجال بين رئيسَي نادي الكويت والنادي العربي، خالد الغانم وعبدالعزيز عاشور، عقب نهائي كأس سمو ولي العهد الذي انتهى بفوز الكويت، الحديث مجدداً عما يُسمى بـ «ميثاق شرف الأندية». ذلك الميثاق الذي يبدو أنه يُوقّع في الصباح، ويُخرق بعد الظهر، ويُتداول مساءً في اللقاءات الإعلامية بحس وطني مرتفع، كأننا أمام وثيقة من مجلس الأمن!

المثير في الأمر ليس السجال ذاته، بل الهالة التي أُعيد تسليطها على هذا الميثاق، الذي لم يكن يوماً ملزماً بقدر ما كان وثيقة «نوايا طيبة»، تصلح لتزيين المكاتب أو افتتاح المؤتمرات الصحافية، فبينما يفترض أن يُعزز الميثاق مفاهيم التنافس النظيف، ويضع حداً للصراعات، بات أشبه ببطاقة عضوية في نادٍ اجتماعي: موقّعة ومختومة، لكنها بلا أثر فعلي.

في عالم الرياضة الاحترافية، لا صوت يعلو فوق صوت العقود، إلا في الكويت، حيث قررت بعض أنديتنا الموقرة توقيع «ميثاق شرف» لعدم التفاوض مع لاعبي الأندية الأخرى، وكأننا في حفل زفاف جاهلي لا يُسمح فيه بخطبة العروس إلا بعد موافقة الوجهاء! وبهذا الإعلان، يبدو أن الأندية قررت أن تُدخل كرة القدم الكويتية مرحلة «الود والمحبة» وتمنع «الاختطاف الرياضي»، على الورق طبعاً.

الفكرة في ظاهرها نبيلة، لكن في الواقع هي أشبه بوضع قفل على باب بلا جدران، فاللاعب، يا سادة، بشر يملك عقلاً وطموحاً وحساباً بنكياً، ولن يظل ينتظر ناديه ليمنّ عليه بتجديد عقده إن أتته عروض من غيره، والأندية نفسها تعلم هذه الحقيقة جيداً، لكنها تتحدث عن الميثاق في المؤتمرات، وتدخل في مفاوضات عبر تطبيق «واتساب»!

أما اللاعب، الذي ربما كان يملك فرصة للانتقال وتحقيق قفزة في مستواه ودخله، فيُجبر أن يعيش في «منفى كروي» لأن الميثاق يمنع الآخرين من الاقتراب منه. طيب، ماذا لو انتهى عقده؟ هل يُفترض أن يقف في منتصف الملعب، رافعاً لافتة «أنا بلا ميثاق»؟

الميثاق هذا، باختصار، هو تصريح إعلامي أكثر من كونه التزاماً حقيقياً، والدليل، كم من لاعب انتقل «بقدرة قادر» من نادٍ إلى آخر رغم توقيع الجميع على الورقة إياها! وكم من مسؤول يخرج بتصريح عن احترام الميثاق، ثم نسمع أنه يتفاوض مع لاعب الخصم!

بنلتي

ميثاق الأندية عندنا يشبه قرار «ضرورة الإقلاع عن التدخين»، الجميع يتفق، ثم يعود إلى «الباكيت» خفية، المشكلة ليست في الاتفاق، بل في الإصرار على اعتبار التنافس الرياضي جريمة، وكأن المطلوب أن تبقى الفرق كما هي، بلا تطوير، بلا انتقالات، وبلا أحلام فقط، بميثاق شرف على الورق، وواقع يُدار خلف الكواليس بـ«شرف النوايا».

back to top