واشنطن تهدد... وطهران تتخندق ومسقط تنقذ المفاوضات النووية
• ويتكوف لوّح بضربة وتحرُّك وعراقجي سلم له إحداثيات حساسة
في ظل تهديدات متبادلة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، على خلفية استمرار التوتر الإقليمي الموازي لعدوان غزة واحتدام الخلاف بشأن برنامج طهران النووي خلال الجولة الخامسة من المباحثات الأميركية ـ الإيرانية التي عقدت بوساطة عمانية، أمس، هدد «الحرس الثوري» الإيراني بردّ يفوق تقديرات العدو ويقلب الموازين لمصلحة القوى المتحالفة مع بلده بالمنطقة في حال تعرّضها لأي عمل عدواني.
وفي أول تعليق رسمي له على تقارير غربية تحدثت عن استعدادات إسرائيلية لشن ضربة عسكرية سريعة ضد الجمهورية الإسلامية، أكّد «الحرس» الإيراني، في بيان أمس، أن يده «على الزناد ومستعد لتوجيه رد حاسم لا يجعل المعتدين الواهمين يندمون بشدة فحسب، بل سيغيّر المعادلات الاستراتيجية على حساب الشيطان الأكبر وعميله الصهيوني» في غرب آسيا.
وجاء في البيان أن «الحرس الثوري ومن خلال العمل مع القوات المسلحة الأخرى يزید من الاستعدادات الشاملة في الخنادق يوما بعد يوم لمواجهة العدو»، في إشارة تحد لدعوات صقور إدارة الرئيس دونالد ترامب التي ترى أن إيران «دولة على حافة الانهيار»، وتطالب بتكثيف الضغوط عليها لحملها على تفكيك برنامجها النووي عبر اتفاق دبلوماسي، أو من خلال اللجوء لعمل عسكري بمشاركة إسرائيل.
الجولة الخامسة
في غضون ذلك، كشف مصدر مطّلع في «الخارجية» الإيرانية لـ «الجريدة» أن الجولة الخامسة للمباحثات، التي عُقدت في روما، كادت تكون الأخيرة بين الجانبين لولا تدخل وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي لإنقاذها في اللحظات الأخيرة.
ووفق المصدر، فإن الجانب الإيراني الذي كان على علم بأن المعبوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى رئيس «الموساد» الإسرائيلي، دافيد برنياع، قبل المباحثات مباشرة في روما، للتنسيق معه بشأن الملفات الحساسة وخطوط الدولة العبرية الحمر بشأن البرنامج الذري الإيراني، حيث اضطر عراقجي للانتظار نحو 20 دقيقة بعد تأخر الوفد الأميركي عن الموعد المقرر للجلسة.
وكشف أن ويتكوف هدد الإيرانيين بأنه إذا ما لم يقبلوا بشرط وقف تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، فإن المباحثات ستكون دون جدوى. ولوّح مبعوث ترامب بإمكانية أن تنهي واشنطن جدل التخصيب الداخلي واليورانيوم المخصب بنسبة عالية لدى طهران عبر تدمير كل المنشآت التي تتعلق بذلك، لافتا إلى أن عدم التوصل إلى صيغة تفاهم ترضي الإسرائيليين بشأن تلك الملفات سيفتح الباب أمام احتمال لجوء الدولة العبرية لشنّ عمل عسكري، دون الرجوع لواشنطن، ووضع الجميع أمام الأمر الواقع.
وبيّن المصدر أن ويتكوف أصر على أن يحصل من وزير الخارجية رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي على جواب بلده بشأن ذلك خلال الاجتماع، أو أن يعتبر المفاوضات منتهية.
وأشار إلى عراقجي أخرج من حقيبته ملفا فيه إحداثيات لأسلحة نووية وبيولوجية وكيماوية إسرائيلية، إضافة إلى مراكز نووية إسرائيلية كانت الأجهزة الأمنية الإيرانية قد زودته بها، وسلّم إلى ويتكوف هذه الوثائق، مؤكدا أن طهران ستدمرها في حال قامت تل أبيب باستهداف منشآتها النووية.
وشدد على أن طهران لا تريد الحرب وتسعى لتجنب الصدام، لكن على ترامب الذي يسعى لكسب جائزة نوبل للسلام أن يفكر جيداً، وعليه أن يأخذ العبر من جولة المواجهة التي خاضها مع «أنصار الله» الحوثية باليمن، محذرا البيت الأبيض من استمرار دعم «جنون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو»، لأن طهران سترد على القواعد الأميركية بالمنطقة في حال تعرّضها لأي اعتداء.
كما حذّر عراقجي ويتكوف من أن الحل السلمي سيكون في مصلحة الجميع، لكنّ اللجوء للخيار العسكري أو تشجيع واشنطن للترويكا الأوروبية من أجل إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران «سناب باك» لن يضمن بقاء إيران في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو عدم تغيير عقيدتها الذرية.
ومع احتدام الجدل بين الطرفين، توقفت المباحثات وخرج الوفدان من الاجتماع، إلا أن الوزير البوسعيدي طلب من الأميركيين تقديم مقترح وعدوا به خلال مشاورات غير رسمية يومي الأربعاء والخميس في مسقط بشأن حل يُرضي جميع الأطراف.
تخصيب اليورانيوم
وتحدث المصدر عن طرح ويتكوف مقترحا وحيدا بشأن القضية الحساسة تسلّم من خلاله طهران شركات أميركية مسؤولية تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بشأن حجم برنامجها النووي السلمي.
وردّ عراقجي برفض المقترح الأميركي، داعيا واشنطن إلى أن تشارك في عمل البرامج النووية الإيرانية، ومن ضمنها التخصيب، وليس الاستئثار بالعملية، مشيراً إلى مقترح بلده حول إنشاء هيئة إقليمية مشتركة لتخصيب اليورانيوم بمشاركة دول المنطقة، رغم سحب إحدى الدول قبولها المشاركة في هذا المشروع.
ونصح المسؤول الإيراني المبعوث الأميركي بالبحث عن صيغة سياسية لحل الموضوع وتفادي إدخال المنطقة في كارثة لا تُحمد عقباها، لأنه في حال مواجهة بلده لقضية وجودية، فإنها ستعمل على قاعدة «عليّ وعلى أعدائي».
ولفت المصدر إلى أن ويتكوف قرر مغادرة الاجتماع قبل انتهاء مدته المقررة بنحو 20 دقيقة، وطلب من مساعديه بحث سبل التوصل إلى صيغة توافقية، فيما عرضت الوساطة العمانية تدوين صيغة تفاهم وسطية بشأن قضية التخصيب من أجل إيجاد مخرج يبعد المنطقة عن حافة المواجهة العسكرية المدمرة.