رياح وأوتاد: رأي في قانون تنظيم القضاء
صدر قبل أيام المرسوم بقانون 68 لسنة 2025 بتعديل بعض مواد قانون تنظيم القضاء، وجاء فيه تأقيت مناصب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن يكون التجديد بمرسوم بناءً على عرض وزير العدل، بعد أخْذ رأي المجلس الأعلى للقضاء.
وبيّنت المذكرة الإيضاحية أن التعديل «يضمن التنوع في الإدارة، وحتى تتاح الفرصة لغيرهم في تولي هذه الوظائف الرئاسية»، ولم يكن هذا التعديل هو رأي المجلس الأعلى للقضاء، كما لم تكن هناك أحداث أو قضايا توجب هذا التعديل بهذا الاستعجال.
بالإضافة إلى أن التجديد بعد أربع سنوات يشبه التجديد الخاص بالوكلاء والوكلاء المساعدين في الوزارات، وهذا لا يليق بمنصب قضائي كبير، خصوصاً أن التجديد في هذا القانون يكون بمرسوم بناءً على عرض الوزير، فهل سيكون من ضمن عمل الوزير متابعة عمل كبار رجال القضاء والتجديد لهم أو استبدالهم؟ وهل يتفق هذا مع استقلال القضاء؟ وكيف سيتم حسم الخلاف بين الوزير و«الأعلى للقضاء» حول التجديد لرئيس محكمة التمييز أو الاستئناف مثلاً، خصوصاً أن القانون لم يُعطِ المجلس إلا حق إبداء الرأي فقط؟
أليس من الأفضل أن تتم هذه الأمور بالتوافق دون استبعاد رأي مجلس القضاء؟ أليس من المحتمل أن تؤدي كثرة تغيير الوزراء إلى تغييرات متكررة ومستمرة في مناصب القضاء؟
ألم يضع قانون استقلال القضاء الذي أُعدّ وأُقر في مجلس 1992 - بعد دراسات مطولة بين الحكومة والمجلس - جميع شؤون القضاة، مثل التعيين والترقية والتأديب والنقل والندب، بيد المجلس الأعلى للقضاء؟ ألم يكن من الأفضل أن يكون التجديد بمرسوم بناءً على طلب أو - على الأقل - موافقة مجلس القضاء؟
ولماذا لا يكون التعيين لمرة واحدة ولمدة مناسبة، بدلاً من التجديد والتغيير المتكرر، لاسيما أن الجميع لاحظوا كيف أدت كثرة تغيير الوزراء إلى تعطيل وتقلبات في عمل كثير من الوزارات؟
ألا يمكن أن يؤدي هذا التأقيت إلى منافسات على المناصب الرئاسية، بحجة إتاحة الفرصة لغيرهم، حسب ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمرسوم؟ وهل يليق هذا التنافس على المناصب في مرفق القضاء؟
كان الأفضل ألا تتم أي تعديلات على قانون تنظيم القضاء إلّا بعد مناقشات مطولة بين المتخصصين، وفي مقدمتهم رجال القضاء الذين قضوا فترات طويلة في سلك القضاء وتقلّدوا مناصب فيه، وأن يكون للكفاءة دور أساسي وليس مجرد اختيار الوزير، دون أسس أو اشتراطات.