ترامب يطلق «القبة الذهبية» ويشعل سباق تسلح فضائياً

• بكين تتهم واشنطن بتقويض الاستقرار العالمي وموسكو تعترض بدبلوماسية وتطالب بحوار استراتيجي

نشر في 21-05-2025 | 10:56
آخر تحديث 21-05-2025 | 19:16
ترامب يطلق القبة الذهبية بحضور هيغسيث في المكتب البيضاوي أمس (رويترز)
ترامب يطلق القبة الذهبية بحضور هيغسيث في المكتب البيضاوي أمس (رويترز)

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسمياً مشروع «القبة الذهبية»، وهو درع صاروخي فضائي ضخم، يستهدف اعتراض التهديدات البالستية من أي مكان بالعالم، بما في ذلك الهجمات من الفضاء. المشروع الذي وُصف بأنه «ثورة في الردع الدفاعي» أثار غضباً واسعاً في بكين، وتحفّظاً استراتيجياً في موسكو، وسط مخاوف دولية من انزلاق العالم إلى سباق تسلح جديد قد يحوّل الفضاء إلى ساحة معركة مفتوحة.

وفي كلمة بالبيت الأبيض، قال ترامب بصوت واثق: «وعدت الأميركيين خلال حملتي ببناء درع صاروخي متطور، واليوم نبدأ تنفيذ ذلك الوعد. القبة الذهبية ستكون جاهزة خلال ثلاث سنوات، وستمنحنا تفوقاً لا مثيل له في حماية وطننا من أي تهديد خارجي، برياً أو بحرياً أو فضائياً».

وأعلن ترامب تخصيص تمويل أولي بقيمة 25 مليار دولار، مشيراً إلى أن التكلفة الإجمالية قد تصل إلى 175 مليار دولار، وهو رقم قابل للارتفاع بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، الذي قدر الكلفة الواقعية لمنظومة مماثلة ما بين 161 و542 ملياراً خلال عقدين.

المشروع الذي أسندت رئاسته إلى الجنرال مايكل غيتلاين من قوة الفضاء الأميركية، يتضمن استخدام تكنولوجيا الجيل القادم من المستشعرات الفضائية والصواريخ الاعتراضية المتطورة، وسيشمل نشر هذه الأنظمة في البر والبحر والفضاء، ما يعيد إلى الأذهان مشروع «حرب النجوم» الذي أطلقه رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي، وأدى آنذاك إلى تصعيد غير مسبوق مع الاتحاد السوفياتي.

تصعيد النزاع التكنولوجي يهدد الهدنة التجارية بين الصين وأميركا

لكن هذه المرة، الرد لم يأت من موسكو وحدها، بل انطلقت نيران التحذير أولاً من بكين، التي رأت في «القبة الذهبية» تهديداً مباشراً للتوازن الاستراتيجي العالمي.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ: «هذا المشروع يقوّض الاستقرار العالمي، ويشعل سباق تسلح غير محسوب العواقب. نحضّ واشنطن على التخلي عن مشروع القبة فوراً، والكف عن تقويض الأمن العالمي بهذه الطريقة المتهورة».

وأضافت بكين أن المشروع الأميركي لا يهدف إلى الدفاع، بل إلى الهيمنة، محذرة من أن عسكرة الفضاء ستجر العالم إلى دوامة مواجهات غير تقليدية قد تبدأ بصاروخ وتنتهي بكارثة نووية.

من جانبها، حاولت موسكو ضبط الرد، وإن لم تُخفِ قلقها. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «القبة الذهبية شأن سيادي أميركي، لكن مسار الأحداث سيجبرنا قريباً على استئناف الاتصالات مع واشنطن للحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي»، مؤكدا أن أي تغيير في ميزان القوى النووي يجب أن يكون موضوعاً لحوار عاجل بين القوتين الأكبر.

ورغم محاولة موسكو تقليل حدة الخطاب، فإن مواقفها السابقة تكشف أن روسيا تنظر للمشروع كاستفزاز مباشر. ففي بيان مشترك صدر في وقت سابق من مايو الجاري، عقب لقاء الرئيسين بوتين وشي جينبينغ، وصفت روسيا والصين مشروع «القبة الذهبية» بأنه «خطوة خطيرة لتحويل الفضاء إلى ساحة للمواجهة المسلحة».

ترامب من جانبه لم يُعر هذه التحذيرات اهتماماً يُذكر، بل بدا أنه يستغلها لزيادة جرعة الحماسة لدى جمهوره الداخلي، قائلاً: «الصين وروسيا غاضبتان؟ هذا يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح. نحن نحمي أميركا، ولن ننتظر حتى يسقط علينا صاروخ نووي لنتحرك».

وللقبة الذهبية أهداف أوسع، إذ قال ترامب إنها «ستنشر تقنيات الجيل المقبل براً وبحراً وعبر الفضاء، بما في ذلك أجهزة الاستشعار الفضائية والصواريخ الاعتراضية».

بدوره، اعتبر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أن «القبة الذهبية ستوفر الحماية من جميع أنواع الصواريخ: كروز، بالستية، فرط صوتية، سواء كانت تقليدية أو نووية»، ما يعكس الطموح الأميركي إلى الهيمنة الكاملة على الفضاء الدفاعي.

التجارة والرقائق

وبينما تصر إدارة ترامب على أن المشروع دفاعي بحت، تُظهر الخطوات الموازية من وزارة التجارة بشأن الرقائق الصينية، والقيود الجديدة المفروضة على الذكاء الاصطناعي، أن المعركة الأوسع تُخاض على جبهات متعددة: في الفضاء، في الأسواق، وفي السيادة التكنولوجية.

ومع اشتعال التوترات التكنولوجية مرة أخرى، هددت بكين باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي شخص ينفذ القيود التي فرضتها واشنطن على رقائق شركة هواوي، مما يلقي بظلاله على هدنة تجارية أخيرة والجهود المبذولة لدعم الحوار. وقالت وزارة التجارة الصينية إن الكيانات قد تنتهك قانون مكافحة العقوبات الأجنبية من خلال المساعدة في القيود الأميركية، دون تحديد العقوبة.

وتؤدي الخطوة لتصعيد النزاع التكنولوجي حتى مع تعبير الصينيين عن رغبتهم بتحسين العلاقات.

وقالت الصين إن تصرفات إدارة ترامب بخصوص الرقائق قوضت محادثات جنيف.

back to top