قاضٍ واحد لا يُفترض أن يُسقط سياسة دولة *

نشر في 19-05-2025
آخر تحديث 18-05-2025 | 17:57
 وول ستريت جورنال

في أحدث فصل من الصراع بين السُّلطتين التنفيذية والقضائية في الولايات المتحدة، تقف قضية *Trump v. CASA* أمام المحكمة العليا، لتثير تساؤلات عميقة حول حدود سُلطة القضاء الفدرالي، ومدى مشروعية إصدار أوامر قضائية شاملة على مستوى البلاد من قِبل قاضٍ واحد.

البروفيسور ستيفن كالابريزي، أستاذ القانون في جامعتَي ييل ونورثويسترن، يُعارض قرار الرئيس ترامب بشأن حرمان أبناء المهاجرين غير الشرعيين من حق المواطنة بالولادة، لكنه في المقابل يرفض بشدة ما وصفه بـ «التمادي في إصدار أوامر قضائية وطنية من محاكم أدنى». يرى أن هذه الأوامر تمثل تجاوزاً لحدود صلاحيات القضاء، خصوصاً عندما لا يتضرر طرف مباشر من القرار الرئاسي.

المادة الثالثة من الدستور الأميركي تُقيِّد سُلطة المحاكم الفدرالية بالبت في «قضايا أو نزاعات فعلية»، وليس في تقييم سياسات الحكومة بشكل نظري. ومع ذلك، يمارس عدد من القضاة سُلطات أشبه بالملكية، عبر إيقاف قرارات تنفيذية على مستوى البلاد كاملة، مما يفتح الباب أمام إساءة استخدام السُّلطة القضائية، ويقوِّض النظام الفدرالي القائم على التوازن بين السُّلطات.

كالابريزي يشير إلى أن مثل هذه الأوامر تشجع «تسوق المحاكم»، حيث يسعى المدَّعون إلى رفع قضايا أمام قضاة معروفين بتوجهاتهم السياسية. هذه الممارسة تُضعف مصداقية القضاء، وتمنع التدرُّج الطبيعي للنقاش القانوني بين المحاكم الأدنى والعليا.

المفارقة أن إدارة أوباما دعمت أحياناً هذا التوجه، كما يذكِّرنا المحامي جوش بلاكمان، ومع ذلك تُبدي القاضية إيلينا كاغان اليوم تخوفاً من عدم امتثال إدارة ترامب لقرارات المحاكم، إلا في نطاق الأطراف المعنيين مباشرة بالقضية. لكن النقطة الجوهرية تتجاوز هذا السجال، فالمشكلة الحقيقية هي التوسع المقلق في سُلطة القاضي الفرد، على حساب السُّلطات المنتخبة شعبياً.

كما كتب أحد القضاة سابقاً، فإن القاضي الفدرالي المنفرد يمتلك، على عكس أي عضو آخر في السُّلطة القضائية، صلاحية تنفيذية كاملة من دون الحاجة لموافقة أي جهة أخرى.

هذا الواقع الجديد يقوِّض ما يفترض أنه «هرمية قضائية»، حيث يفترض أن تكون محاكم الاستئناف والمحكمة العليا هي الجهات الفاصلة في المسائل الكبرى.

يجب أن يُحكم على السياسات من خلال المسار القضائي الطبيعي، لا عبر أوامر ارتجالية تصدرها محكمة جزئية. ولا يُفترض أن يتمتع أي من القضاة الـ 667 بهذه السُّلطة الفردية الواسعة لتجميد قرارات رئيس مُنتخب من قِبل الأمة كلها.

وبعيداً عن ساحة القضاء، هناك جدل لا يقل أهمية في الكونغرس حول مشروع قانون لتمديد إصلاحات ترامب الضريبية لعام 2017. نواب محافظون، مثل تشيب روي، يعارضون الصيغة الحالية للمشروع، لأنها تؤجل خفض الإنفاق الحكومي، وتُبقي على بعض الإعفاءات البيئية. إنهم يطالبون بإجراءات فورية للحد من العجز المتصاعد في الموازنة.

أما على مستوى السكان، فتستمر ولايات الجنوب الأميركي في تسجيل معدلات نمو أعلى من نظيراتها ذات الأنظمة الحكومية الثقيلة. مدن مثل برينستون، وتكساس، تضاعف عدد سكانها في أربع سنوات، مما يعكس ميلاً شعبياً مستمراً نحو الولايات ذات الضرائب المنخفضة والتنظيم المحدود.

كل هذه المؤشرات تشير إلى ضرورة الحفاظ على التوازن بين السُّلطات. نعم، يجب تقييد السُّلطة التنفيذية بالقانون، لكن يجب كذلك منع القضاء من الانزلاق إلى دور تشريعي أو تنفيذي باسم الدفاع عن الدستور. فالخطر الحقيقي ليس فقط في السياسات التي تُتخذ، بل في الجهات التي باتت تدّعي حق اتخاذها.

* جيمس فريمان

back to top