القمة الخليجية - الأميركية

نشر في 18-05-2025
آخر تحديث 17-05-2025 | 19:36
 أ. د. فيصل الشريفي

زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض (13–14 مايو 2025) سبقتها توقعات أقرب إلى التكهنات، بسبب المفاجآت التي أعلن ووعد بها قُبيل انعقاد القمة، ومع ذلك تبقى من القمم المحورية المهمة، في ظل المعطيات والتداعيات الاقتصادية والأمنية التي تشهدها المنطقة والعالم بأسره.

الرئيس ترامب يزور المنطقة وهو يُدرك قيمة مجلس التعاون الخليجي الاقتصادية، ودوره الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، لذلك عمل على استثمار العلاقة المميزة التي تجمع الولايات المتحدة مع دول المجلس، وسعى إلى عقد مجموعة من الاستثمارات الثنائية التي من شأنها تعويض الخسائر التي لحقت بالولايات المتحدة جراء القرارات المتعلقة برفع الرسوم الجمركية، خصوصاً مع جمهورية الصين الشعبية.

الرئيس ترامب يُدرك أيضاً أهمية المطالب الخليجية، وسعيها إلى تحقيق استقرار الأمن الإقليمي، وتحجيم انفلات الكيان الإسرائيلي، واستمراره في إبادة قطاع غزة، ورغبته بتوسيع دائرة الحرب باستمراره في قصف سورية ولبنان واليمن، ونواياها المُعلنة في قصف المفاعلات النووية الإيرانية التي ستكون تبعاتها كارثية على المنطقة.

الملف الاقتصادي قد يكون الواجهة لكل العناوين الرئيسية الأخرى، فمن خلاله يمكن الدفع بالإدارة الأميركية لاتخاذ خطوات إيجابية بالعمل على تحقيق الاستقرار الإقليمي بالمنطقة، حيث إن الرئيس ترامب يعلم قبل غيره أن استمرار الوضع الراهن دون حلول جذرية ترتضيها جميع الأطراف لن يسمح بإبرام المزيد من الصفقات، في ظل تراجع أسعار النفط، حيث من المتوقع أن تشهد معظم الموازنات عجزاً بنسبة كبيرة بمعظم دول الخليج.

من الواضح أن الإدارة الأميركية لن تتخلى عن دعم دويلة إسرائيل، ومع ذلك أبدى الرئيس ترامب امتعاضه من بعض تصرُّفات رئيس حكومتها في تقويض الأمن بالمنطقة، وإجبار الولايات المتحدة الأميركية على الدخول في حرب مفتوحة تضر بالمصالح الأميركية على المديين المنظور والبعيد، ومنها الاتفاق على وقف قصف السفن الأميركية في مقابل وقف الهجمات على اليمن الذي لعبت الوساطة العُمانية دوراً كبيراً فيه.

قد تكون أبرز المحطات الرئيسية التي صاحبت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتمحور حول إعلانه رفع العقوبات عن الجمهورية السورية، وحجم الصفقات والاستثمارات التي عقدتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها الأكبر في تاريخ العلاقات الاقتصادية التي جمعت الطرفين، خصوصاً فيما يتعلق بالمجال الدفاعي، وفي التكنولوجيا، والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والرعاية الصحية، وغيرها من القطاعات الحيوية.

في المقابل، ورغم المطالبات الخليجية بإقامة حلٍ عادلٍ ودائمٍ للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، فإن الرئيس ترامب مازال على موقفه من دعم الكيان الإسرائيلي، وتركيزه والمطالبة بالإفراج عن كل الرهائن في غزة كشرط لإحلال السلام، وكأنه يشير إلى قبول السلام بالشروط الإسرائيلية.

أما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فلا جديد، ومن الأفضل انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية حالياً بين الطرفين، والذي ترعاه سلطنة عُمان، حيث تشير التسريبات إلى أن هناك تفاهمات إيجابية قد تصل إلى مستوى عقد اتفاقية يرتضيها الطرفان.

ودمتم سالمين.

back to top