رياح وأوتاد: نحو علاقة تكاملية بالوافدين

نشر في 08-05-2025
آخر تحديث 07-05-2025 | 21:12
 أحمد يعقوب باقر

أعتقد أن قرار الحكومة بالسماح بالالتحاق بعائل للوافدين غير الجامعيين، إذا كانت رواتبهم تسمح بذلك هو قرار محمود، لأن وجود أسرة الوافد معه يؤدي إلى مزيد من الاستقرار النفسي والإنتاج والإنفاق داخل البلاد.

ومن المؤسف أن هناك مَن يتعامل مع الوافدين دون التعامل الأخوي والإسلامي المناسب، رغم أنهم يقومون بكثير من الأعمال الفنية واليدوية التي لا نستغني عنها، مثل إصلاح السيارات وجميع أعمال المطاعم وأعمال البيع في المحال بالمولات والأسواق التي لا تكاد تجد فيها كويتياً واحداً، وأعمال البناء المختلفة في المطلاع و«سعد العبدالله» و«صباح الأحمد» وغيرها من المناطق، إضافة إلى تصليح الأجهزة المنزلية، مثل مكيفات الهواء وأجهزة الكهرباء والمرافق الصحية، وتنظيف الشوارع والبيوت، والعناية بالأطفال، وجميع هذه الأعمال مهمة ومطلوبة ولا يشغلها إلا الوافدون، وكذلك المهن التمريضية وكثير من الأعمال الطبية والتدريسية التي لا يوجد العدد الكافي من الكويتيين لشغلها.

ولذلك، فإن الإحسان للوافدين وعائلاتهم واجب شرعي وضرورة واقعية، وكثير من الأسر الكويتية أقامت علاقات صداقة متينة مع عائلات الوافدين.

ومن المؤسف أن يطالب البعض بوضع ضريبة على تحويلات الوافدين، وهو إجراء غير صحيح، لأن الوافد قدِم للعمل في بلادنا لدعم وإعالة أسرته في الخارج بهذه التحويلات، إضافة إلى أن الضريبة على راتبه ليس لها مسوّغ شرعي، خصوصاً أنه دفع جميع التزاماته القانونية، مثل رسوم الإقامة والتأمين الصحي وغيرها، وأن البنوك تحصّل رسوم التحويل المعروفة.

كما أن بإمكان الوافد إذا شرعت هذه الضريبة أن يطلب من الكفيل تحويل أي مبلغ إلى الخارج، فهل ستتم مراقبة تحويلات الكويتيين؟ وهل هذا جائز حسب الاتفاقيات الدولية التي تضمن حرية تنقّل الأموال؟ كما قد تكون هذه الضريبة مسوغاً لإضافة مبلغها إلى سعر الخدمة التي يقوم بها أو السلعة التي يبيعها الوافد، وبالتالي يتحملها الكويتي.

لذلك، فإن الإجراء الصحيح هو أن يشارك الوافد أو كفيله في قيمة الخدمات التي تقدمها الدولة، وهذا بالفعل ما قمت به شخصياً، إذ قدمتُ قانون التأمين الصحي على الوافدين في مجلس 1999 وفيه يدفع الكفيل القيمة التي تحددها الحكومة للتأمين عند طلب الإقامة كما يدفع رسوم مراجعة المستوصفات والمستشفيات، وهذا القانون يدرّ للبلاد الملايين سنوياً، وهو أيضاً ما قامت به المجالس اللاحقة بإقرار قانون مستشفيات الضمان الصحي، وكذلك أقر مجلس الأمة زيادة تعرفة الكهرباء والماء في البناء الاستثماري، وهذه الإجراءات عادلة، حيث تضمن تحصيل قيمة الخدمات التي تقدمها الدولة مع ترشيد الوافد لاستهلاك هذه الخدمات، دون التدخل فيما يحوّله من دخله الخاص إلى أهله.

back to top