بانتظار الرأي الاستشاري لـ «العدل الدولية»

نشر في 07-05-2025
آخر تحديث 06-05-2025 | 19:47
 د. محمد أمين الميداني

​قام القانونيون، وهم يمثلون مختلف دول العالم ومنظماته، ومن بينها الدول العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي، اعتبارا من 28 أبريل حتى 2 مايو، بتقديم وجهات نظرهم واجتهاداتهم أمام محكمة العدل الدولية ومقرها مدينة لاهاي بهولندا، فيما يتعلق بالرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 19/12/2024 من هذه المحكمة الدولية بخصوص «التزامات إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال وبصفتها عضوا في الأمم المتحدة، فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة، بما يشمل وكالاتها وهيئاتها والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيما يتصل بتلك الأرض، لأغراض منها ضمان وتيسير الإمداد دون عائق بالمدد الجوهري لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة، وبالخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية والإنمائية، لما فيه مصلحة السكان المدنيين الفلسطينيين، ودعما لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير». ونشير إلى عدة نقاط هامة جاءت في هذا الطلب، وهي:

​1 - إسرائيل «سلطة قائمة بالاحتلال».

​2 - الطلب يتعلق بوكالات الأمم المتحدة وهيئاتها مما يخص بشكل واضح وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

​3 - توجد أراض فلسطينية محتلة.

​4 - حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

​5 - ضرورة ضمان وتيسير الإمداد دون عائق بالخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية والإنمائية، لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة.

​ولم يقتصر الاهتمام على الجهات الرسمية في العديد من البلدان بالرأي الاستشاري المطلوب من محكمة العدل الدولية، بل لفت أيضا انتباه العديد من القانونيين الدوليين والمتخصصين في القانون الدولي والقانون الدولي الجنائي، والذين يتابعون ما يحدث في قطاع غزة والمأساة التي يعيشها سكانه والأوضاع غير الإنسانية والمهينة التي يرزحون تحتها، والتي تناقض ما تعارف عليه المجتمع الدولي من احترام للإنسان وكرامته وحقوقه، وأهمها حقه في الحياة، إلى جانب حقوقه الأساسية ومن بينها حقوقه في المأكل والملبس والمسكن والعيش الكريم.

​فقد نشرت صحيفة اللوموند الفرنسية في عددها بتاريخ 12/4/2025 مقالا لاثنين من كبار القانونيين الفرنسيين والمتخصصين في القانون الدولي الجنائي، أشارا فيه إلى أن احتمالية أن تتحمل إسرائيل، وكذلك عدد من المسؤولين فيها، مسؤولية ارتكاب جريمة الإبادة، هي اليوم أكبر من أي وقت مضى، ومن دون إغفال مسؤوليتهم عن جرائم أخرى مثل: جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ونشرت «اللوموند» على نفس الصفحة مقالا مشتركا لمجموعة من الباحثين والسفراء الفرنسيين السابقين، يستغربون فيه كيف أن إسرائيل التي تدعي بأنها مثال للديموقراطية لم تعد تحترم أية قاعدة من القواعد الدولية.

​تتجه الأنظار إلى محكمة العدل الدولية، والعديد من الأحرار والشرفاء في العالم يترقبون هذا الرأي، ولكن المعضلة الأساسية تكمن في أن هذا الرأي غير ملزم كآراء أخرى صدرت عن هذه المحكمة، وسنجد من يقول لنا هذا انتصار معنوي هام، وسنتفق مع هذا القول، ويحق لنا أيضا أن نسأل: إلى متى سنكتفي بالانتصارات المعنوية والرمزية؟ ومتى سنرى المجتمع الدولي، وخاصة منظمة الأمم المتحدة، جادة بالفعل في إنقاذ سكان غزة من محنتهم، لا عن طريق ترحيلهم ولكن عن طريق خلق الظروف والأوضاع الكريمة والمناسبة ليعيشوا حياتهم مع أسرهم وفي مدنهم كبقية السكان في مدن العالم؟

* أكاديمي وكاتب سوري مقيم في فرنسا.

back to top