ليكن القطع المبرمج أكثر ذكاء

نشر في 02-05-2025
آخر تحديث 01-05-2025 | 18:20
 وليد صالح القلاف

في عالم يشهد تطوراً ملحوظاً ومتسارعاً للذكاء الاصطناعي، هل يمكن الاستفادة منه كأداة فعالة في قياس استهلاك الكهرباء في مختلف القطاعات، من المنازل إلى المدن الكبيرة والشبكات الصناعية، ومن ثم العمل على خفض الاستهلاك بناء على معطيات معينة؟!

معلوم أن برامج الذكاء الاصطناعي تعطي نتائج أفضل وأكثر دقة إن تم تغذيتها بكم هائل من المعطيات من بيانات الاستهلاك والتي قد تشمل الاستهلاك اللحظي، وأنماط الاستخدام التاريخية، ومعلومات حول الأجهزة المتصلة، وظروف الطقس، وحتى سلوك المستخدمين.

من خلال تحليل هذه البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد الأنماط المتكررة في استهلاك الكهرباء، واكتشاف أي شذوذ أو ارتفاع غير طبيعي في الاستهلاك الذي قد يشير إلى وجود أعطال أو أجهزة تعمل بكفاءة منخفضة أو الاحتيال أو حتى سرقة للتيار، كما يمكنها التنبؤ المستقبلي بالطلب على الكهرباء وعلاقتها مع التغيرات في الطقس، والأحداث القادمة (مثل العطلات والمناسبات)، هذا يسمح بتحسين إدارة الأحمال وتجنب آثار فترات الذروة في الاستهلاك.

عشنا القطع المبرمج الصيف الماضي فكان مثل «الموس على كل الرؤوس» ولم يستثن منطقة أو فريجاً، الأمر الذي يحسب لوزارة الكهرباء، ولكن ما يحسب عليها هو التعامل مع الكل بمسطرة واحدة، بمعنى تحميل وزر القطع للملتزم الحريص والمبذر على حد سواء.

وهنا يدخل الذكاء الاصطناعي لتحديد المبذر من الحريص ومن ثم التعامل خلال أوقات الذروة بالقطع على المبذر، فالقطع عن منطقة كاملة يحبط الحريص ويشجع على الإسراف في الكهرباء.

ربما غياب العدادات الذكية يجعل تحليل أنماط الاستهلاك لكل منزل أو منشأة صعباً، ولكنه لا يكون صعباً على الوزارة قياس الاستهلاك لكل منطقة أو قطعة سكنية ومعرفة التجمع السكني المسرف من الحريص بناء على معدل استهلاك معقول لمساحة أرض سكنية معينة، وطبقاً لذلك يتم القطع المبرمج.

والأمر ذاته ينطبق على المصانع، ليس من الحصافة أن تطلب هيئة الصناعة من المصانع وقف التشغيل خلال أوقات الذروة.

لنكن أكثر ذكاء من خلال مراقبة وتحليل استهلاك الطاقة للآلات والمعدات الأكثر استهلاكاً للطاقة، وتحديد أوجه القصور، واقتراح تحسينات في العمليات لتقليل الاستهلاك وزيادة الكفاءة، كما يمكن أيضاً التنبؤ بأعطال المعدات وتنفيذ الصيانة الدورية لتجنب زيادة استهلاك الطاقة، أو ربما وقف تشغيل بعض الأجهزة ذات الاستهلاك المرتفع، والتي قد لا يؤثر وقفها بشكل مباشر على سلسلة الإنتاج، فليس من الحكمة إصدار أوامر عامة، وهنا يدخل الذكاء الاصطناعي بتحليل أنماط الاستهلاك غير الطبيعي، ومن ثم يكون المصنع والمنشأة أكثر دقة بتحسين إدارة الأحمال.

لنكن أكثر ذكاء من خلال ربط الحركة بالمنافذ مع الاستهلاك، ليتم قياس أنماط تغير استهلاك الكهرباء بالمنازل التي يتركها أهلها للسفر بالصيف، لاسيما مع استهلاك أجهزة التكييف%70 من الطاقة، لنميز المسرف المهمل من الجاد الحريص، وقس على ذلك المدارس والمساجد وغيرها من المنشآت العامة، فلا يمكن الاستمرار في إغماض العين وتطبيق مسطرة واحدة للقطع المبرمج على الكل.

باختصار، يقدم الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لتحقيق كفاءة أكبر في استخدام الطاقة وتقليل التكاليف من خلال القياس الدقيق والتحليل الذكي لأنماط الاستهلاك، والتحكم الآلي في الأجهزة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً حاسماً في بناء مستقبل أكثر استدامة في قطاع الطاقة.

back to top