مرافعة: فوضى قصر العدل!
بعد الانتهاء من عملية نقل الدوائر القضائية من قصر العدل القديم الى الجديد وانتقال نيابة الشؤون التجارية وإدارة التنفيذ في محافظة العاصمة ومحكمة أسرة العاصمة يتعين على المسؤولين في قطاع المحاكم بوزارة العدل العمل على اعادة النظر في توزيع العمل بإدارة المبنى الجديد مع ضبط المصاعد المؤدية للأداور المرتبطة بعقد الجلسات في الأداور العليا، وكذلك توفير المقاعد الخاصة بالمتقاضين المقابلة لقاعات المحاكم.
والمطالبة بإعادة النظر في توزيع العمل بأداور المبنى والقاعات المخصصة لعقد الجلسات تتطلب من المسؤولين النظر الى حاجة المتقاضين والمحامين والعمل على إراحتهم، فقاعات الجنايات على سبيل المثال في محكمة الاستئناف لا تتناسب مع عقد الجلسات للمتقاضين كما هو الحال مع المتقاضين في قضايا الجنايات بالمحكمة الكلية، وللأسف توفَّر قاعات في محكمة الاستئناف لا تتناسب مع وضع قاعات الجنايات، وتوفر قاعات كبرى لدوائر غير جزائية!
وذلك الأمر يدعونا إلى التساؤل عن كيفية توزيع عقد الجلسات بهذه الطريقة، ولماذا يرتاح المتقاضون بقاعات الجنايات في المحكمة الكلية لاتساع قاعات الجنايات بينما يعاني الجمهور والمتقاضون وأسرهم والمحامون الإرهاق حال حضور جلسات الاستئناف الجزائية وحتى أمام محكمة التمييز؟!
المشكلة كذلك في شكل المنصة القضائية التي تم تخصصيها الى جانب القاعات لدوائر التمييز والتي لا تتناسب مع عدد اعضاء الهيئة القضائية، وهي اعلى هيئة قضائية، والمكونة من خمسة قضاة بدرجة مستشارين وعضو نيابة تمييز وأمين سر جلسة وحاجب، اي ان المنصة القضائية تحتاج لجلوس اكثر من سبعة اشخاص بين قضاة وإداريين، وهو امر غير محقق وفق المنصة الحالية التي هي فوق قصرها لا تتسع لجلوس سبعة اعضاء بسبب ضيق المكان المعد لها بخلاف المنصات التي تم وضعها في القاعات الإعلامية التي خصصت لعقد جلسات الجنايات التي تعقد في المحكمة الكلية.
الأمر لم ينته عند شكل القاعات وضيق مساحتها وإنما يمتد الى مشكلة المصاعد المعدة للسجناء والمتهمين الذين يتم احضارهم لحضور المحاكمات، حيث كشف الواقع عدم قدرة مثول السجناء بشكل مباشر امام الهيئات القضائية الا اذا تم نقلهم بالمصاعد المخصصة للقضاة ثم السير بهم بالممرات امام المتقاضين والمحامين والمراجعين ثم ادخالهم الى باب القاعة الرئيسي، كما ان عملية نقلهم من الاسفل تتم عن طريق الاستعانة ببعض المصاعد المخصصة للقضاة وهو ما حدث قبل نحو اسبوعين عندما تم ادخال مجموعة من المتهمين المحبوسين في المصعد الذي كان به احد رؤساء المحاكم وعدد من القضاة وطلب من الشرطة عدم نقلهم بالمصعد وكان الرد عدم وجود مصاعد مهيأة لذلك.
حالة الفوضى لم تقتصر على سوء توزيع القاعات بين الأداور وعدم ربطها بمحاكم محددة، فمثلاً جلسات تعقد بالدور 13 وأخرى في الدور 16 لمحكمة الاستئناف والمحكمة موزعة على باقي الأدوار، كما انه إزاء عدم وجود مقاعد انتظار امام كل قاعات المحاكم يجلس المتقاضون على «مصطبات أو دكات» رخامية لا تصلح للجلوس.
كما أن خلو المبنى من النظام ومن غرف مخصصة للتدخين سمح للمدخنين باستخدام ممرات السلالم بين القاعات للتدخين، وفتح الأبواب المطلة للممرات لتنشر رائحة الدخان في الممرات من دون أدنى رقابة ومحاسبة أو ضبط لما يحدث من حالة عدم النظام والتي تتطلب تدخلاً لمعالجة أوضاع المبنى حديث العهد!
مؤلم أن نشاهد جمال هذا المبنى وحجم الإنفاق الذي تكبدته الدولة من أجل دعم مرافق العدل، ونشهد في المقابل اهمالا كبيرا من حيث التنظيم الداخلي وضبط النظام وغياب فكرة الإدارة له، وهو ما أتمنى أن تسارع الوزارة إلى إنجازه، حفاظاً على المبنى ودعم الخدمات التي تقدم للمتقاضين.