مراكز الشباب... قاعات خالية وأجهزة معطلة
إذا أردت أن تفهم كيف تتعامل الحكومة مع شبابها، فلا تذهب إلى المؤتمرات أو الحملات الدعائية، بل ادخل إلى مراكز الشباب. شاهد القاعات الخالية، والأجهزة المعطلة، والجدران المتشققة، والفراغ الذي يصرخ في وجه كل من يخطو داخل هذه المباني المهجورة.
هنا، لا تمكين، ولا رؤية، ولا حتى احترام لطاقة جيل بأكمله.
أين الشباب في «مراكز الشباب»؟
ما يُفترض أن يكون حاضنة للإبداع، ومختبراً للأفكار، ومنطلقاً للطاقات، أصبح اليوم مكاناً لا يزوره أحد. لا نشاطات حقيقية، لا برامج ذات قيمة، لا مشرفين مؤهلين، لا حياة. والمصيبة الأكبر أن من يدير هذه المراكز لا يبدو مهتماً، ولا الحكومة نفسها تبدو معنية.
نحن لا نطلب المستحيل... فقط الحد الأدنى من الكرامة.
الشباب الكويتي اليوم لا يبحث عن معجزة. بل فقط عن مساحة يجد فيها نفسه، يعبّر، يتعلم، يبادر، يخطئ ويتطوّر، لكن كيف يحدث ذلك في بيئة ميتة إدارياً وفكرياً؟ أين الورش؟ أين المشاريع؟ أين التحفيز الحقيقي؟ كل شيء مؤجل، مؤقت، أو موجه لإرضاء «الصور الإعلامية».
وزارة الشباب... وزارة التصريحات فقط؟
نسمع كثيراً عن «تمكين الشباب» و«دعم المبادرات» و«صناعة القادة»، لكن على الأرض، لا نرى سوى خطابات وشعارات. لا توجد خطة وطنية جادة لإعادة بناء دور مراكز الشباب، ولا حتى محاولة اعتراف بالفشل. هل تنتظرون من الجيل الجديد أن يتشكل في المقاهي، أو من خلال تطبيقات الهواتف؟ أم أنكم لا تهتمون أصلاً؟
هدر المال... وهدر العقول
المباني موجودة، الأراضي واسعة، الميزانيات كانت تُرصد. لكن أين ذهب كل هذا؟ ما الذي تحقق؟ الجواب واضح: لا شيء. كل ما نراه هو هدر للفرص، وتدمير ممنهج لطموحات جيل كامل. لا مشروع وطني حقيقي لإحياء هذه المراكز. لا إدارات شابة، ولا محتوى عصري، ولا حتى نية صادقة للتغيير.
نقولها بوضوح: أنتم تدفنون مستقبل الكويت بأيديكم.
نعم، أنتم المسؤولون. من سكت، من تجاهل، من رضي بهذا المستوى المزري، من لم يطرق أبواب التغيير. كل من شارك في ترك مراكز الشباب على هذا الحال، يساهم في دفع شباب الكويت نحو الهروب، أو الغربة الداخلية، أو العزلة القاتلة.
مراكز الشباب لا تموت وحدها... بل تأخذ معها حلم الوطن.
مراكز الشباب ليست مباني فقط. هي مؤشرات على طريقة تفكير الحكومة وكيف ترى الإنسان. والإهمال الذي تعانيه اليوم ليس مجرد تقصير، بل جريمة في حق جيل كامل.
إما أن تتحرك الحكومة وتعيد صياغة مفهوم «مركز الشباب» من جديد، بإرادة حقيقية وقيادات تملك فكراً وعزيمة... أو فلتعترف رسمياً: أنتم لا تملكون مشروعاً لهذا الجيل.