يوم بلا جريمة
في لقاء ودي جمعني مع أحد كبار المستشارين القانونيين العرب، وهو أيضاً صديق شخصي لي، تجاذبنا أطراف الحديث في عدة أمور كنت قد أسررتها له مسبقاً تعنى بالشأنين العام والخاص، وبعض الجرائم التي نقرأ أخبارها في الصحف.
وكعادة اللقاءات، ومن بعد فنجان القهوة الثاني، يبدأ الحديث ليأخذ مجرى أكثر جدية حيال الأمور الخاصة بالجرائم وأخبار الصحف، سألت صديقي المستشار سؤالاً محدداً ألا وهو: بحكم خبراتك المتراكمة عقوداً عدة في القانون والمرافعات وغيرهما، هل مر عليك سيدي يوم بلا جريمة؟! كانت الإجابة صادمة ونافية نفياً قطعياً البتة لدرجة الاستغراب والاندهاش من السؤال ذاته! وهنا أتى السؤال البديهي من بعده: ما أكثر أنواع الجرائم المنتشرة إذاً في مجتمعنا بحكم خبرتك وممارستك للمهنة؟! هنا كانت الإجابة وإلى حد ما «غير صادمة» بالنسبة لي، وقد كانت الجرائم الإلكترونية، وبالذات المتصلة بمنصات التواصل الاجتماعي.
وهنا التفتُّ شخصياً إلى الدائرة الضيقة، ومن ثم الأكثر اتساعاً واتساعاً من معارفي وأصدقائي لأجد أنه فعلاً أصبح الاستدعاء بسبب شكوى إلكترونية أمراً شبه يومي وعادي بين أواسط الناس، شاملاً فئات عمرية متعددة من كلا الجنسين.
لن ينفع الحديث الآن عن اللبن المسكوب والدمار المعيشي الذي تسببت فيه تلك القوانين الإلكترونية رغم وجود منافع جمة لها دون أن ننكر ذلك، ولكن المهم أنه بوجودها وأثناء قيام حكومات عدة ومجالس نيابية متفرقة، يبدو أنها سقطت سهواً عن أذهان المشرعين. أما الآن وفي ظل الظروف السياسية الراهنة التي تتفرد فيها الحكومة الحالية بالمشهد تماماً، فقد وجب الأخذ في الاعتبار مسألة معاقبة صاحب الكلمة لمجرد أنها كلمة مكتوبة بما يليق بهذا الأمر لا أكثر، كما يتم النظر في نوع العقوبات والجرائم المصاحبة لهذا كله مع حملة توعوية شاملة للشارع كله وعلى مدى أيام وأسابيع وأرشفة هذا كله للمستقبل القريب.
على الهامش:
قانون المرور الجديد، وكما امتدحنا جانباً منه سابقاً، أثبت فعالية عالية منذ أول يوم في تطبيقه، والذي انخفضت معدلات مخالفاته بمقدار 71 في المئة. والآن وجب العمل على نقطتين أساسيتين آمل الأخذ بهما بصورة جدية، أما الأولى فهي إرفاق تفاصيل المخالفة المرورية مع صور وتقرير شامل حفاظاً على وقت القضاء في المستقبل إن آثر المخالف التوجه إليه، وهو على غير دراية بتفاصيل المخالفة، أما النقطة الثانية فتتصل باستمرار العمل على حملات توعوية جادة للجمهور.
هامش أخير:
المصور الفنلندي لاسي روتاين يرصد رحلة غريبة وعجيبة، بين دُب وذئب قد سافرا معاً وتقاسما الطعام وهوّن بعضهما عن بعض مشقة وعناء الرحيل والترحال عبر الأصقاع.
تعليقي هو ببساطة: لن يغدر أي منهما بجنس الآخر، لا الدب ولا الذئب البتة طوال حياتهما... هذا بالطبع لا ينطبق على بني البشر ممن كانت صفتهم الغدر ونكران المعروف... فلنكن دببة وذئاباً!!