كندا تختار الليبرالي كارني لمواجهة «خيانة» ترامب
حقق رئيس الحكومة الليبرالي مارك كارني فوزاً تاريخياً في الانتخابات، التي جرت أمس، في كندا، متعهداً بالانتصار على الولايات المتحدة في الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترامب، وعدم نسيان «الخيانة» الأميركية.
وحتى بضعة أشهر خلت، بدت الطريق معبّدة أمام المحافظين بقيادة بيار بوالييفر للعودة إلى السلطة بعد 10 سنوات من حكم الليبرالي جاستن ترودو، غير أن انتخاب ترامب لولاية جديدة، وهجومه غير المسبوق على كندا، سواء عبر الرسوم الجمركية أو التهديدات بضم الجارة الشمالية، غيّرا الأوضاع.
وقال كارني، أمام مناصريه ليل الاثنين - الثلاثاء، إن «العلاقة السابقة مع الولايات المتحدة انتهت»، مؤكدا أن «الرئيس ترامب يسعى إلى كسرنا لامتلاكنا (ضمّنا)»، داعيا إلى الوحدة لمواجهة «الأشهر الصعبة المقبلة التي تتطلب تضحيات».
من جانبه، تعهد بوالييفر في خطاب الاعتراف بالهزيمة، العمل مع كارني ووضع مصالح البلاد فوق الصراعات الحزبية في مواجهة «التهديدات غير المسؤولة» لترامب.
وأثار إعلان فوز الحزب الليبرالي جولة تصفيق وهتافات حماسية بين أنصاره الذين تجمّعوا في صالة للهوكي. وقالت دوروثي غوبو (72 عاماً) المتحدرة من منطقة تاوزد أيلاند في أونتاريو: «أنا سعيدة لأن لدينا شخصاً يستطيع التحدّث مع ترامب على قدم المساواة. ترامب رجل أعمال. وكارني رجل أعمال، وأعتقد أنهما يفهمان بعضهما البعض».
واعتبر وزير الثقافة ستيفن غيلبو أن «الهجمات العديدة التي شنها ترامب على الاقتصاد الكندي وعلى سيادتنا وهويتنا، حركت الكنديين»، وأشار إلى أن الناخبين «وجدوا أن كارني لديه خبرة على الساحة الدولية».
ودُعي نحو 29 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في هذا البلد الشاسع، الذي يمتد على ست مناطق زمنية، وأدلى أكثر من 7.3 ملايين ناخب بأصواتهم بشكل مبكر، وهو عدد قياسي.
وفي الطوابير الطويلة أمام مراكز الاقتراع على مدار النهار، سلط ناخبون الضوء على أهمية هذه الانتخابات، معتبرين أنها تاريخية ومن شأنها أن تحدد مستقبل هذه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 41 مليون نسمة.
في سنّ الستين، تمكن مارك كارني، المبتدئ في عالم السياسة والمعروف في عالم الاقتصاد، من إقناع السكان القلقين بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد وسيادتها، عبر التأكيد على أنه الشخص المناسب لقيادة كندا في هذه الأوقات العصيبة. وطوال الحملة الانتخابية، عكف هذا الحاكم السابق لبنك كندا وإنكلترا على التذكير بأن التهديد الأميركي بالنسبة إلى كندا حقيقي.
وقال في إحدى محطات حملته الانتخابية: «دخلت الفوضى حياتنا. هذه مأساة، ولكن أيضاً هذه حقيقة»، مضيفاً أن «القضية الأساسية لهذه الانتخابات هي معرفة من الأقدر على مواجهة الرئيس ترامب».
وفي هذا الإطار، تعهد الإبقاء على الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية طالما تُبقي واشنطن التدابير التي اتخذتها سارية، وكذلك تعهد تطوير التجارة داخل البلاد عبر رفع الحواجز الجمركية بين المقاطعات والبحث عن منافذ جديدة للتصدير، خصوصاً في أوروبا.
في السياق، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، اليوم، أن العلاقات بين أوروبا وكندا «قوية وتتعزز»، مضيفة: «سندافع عن قيمنا الديموقراطية المشتركة، ونشجع على التعددية وندعم التجارة الحرة والعادلة».
وفي لندن، هنأ رئيس الحكومة العمالي كير ستارمر، كارني، ورحّب بـ«تعزيز العلاقات». وقالت الصين إنها «مستعدة لتطوير العلاقات» مع كندا، من دون أن تعرب في الوقت الراهن عن أي تهنئة لليبراليين بعد حقبة ترودو التي تخللتها العديد من النزاعات التجارية والسياسية.