هيثم بودي
إذا كانت أسرة بودي الكريمة قد عُرفت بالمشاريع التجارية الناجحة فإن «هيثم»، سليل هذه الأسرة، قد تفرّد هو الآخر بالتميز والنجاح، ولكن ليس في عالم التجارة، بل في عالم الإبداع الأدبي... وإذا كان نجيب محفوظ قد أرّخ لحقبة زمنية من تاريخ مصر في ثلاثيته، وحصل على جائزة نوبل، فإن هيثم بودي قد أرّخ لكويت ما قبل النفط بعينٍ لاقطة لكل مفردات الحياة في تلك الأزمنة، وحصل على إعجاب وتقدير كل من قرأ أعماله الكاملة والمحتوية على قصصه ورواياته.
عندما قرأت رواياته التي أهداها إليَّ في إحدى الأمسيات الثقافية عادت بي إلى سنوات الستينيات، يوم كانت الإذاعة الكويتية تُعنى بشيء من تراث تاريخ الكويت الثري بأحداث صراع الإنسان الكويتي في حياة ما قبل النفط، وكانت "مذكرات بحار" نصب عيني وأنا أقف أمام ما يصوره هيثم من صور تكاد تنطق من شدة صدقها.
وعندما شرعتُ في كتابة مقالتي لـ "الجريدة"، بعدما قرأت قصص وروايات بودي، وجدت أنني مهما أوتيت من قدرة فلن أتمكن من تسليط الضوء عليها مثلما فعلت الدكتورة هيفاء السنعوسي، التي تمكنت ببراعتها الأدبية من أن تختزل معظم ما كتبه الأديب في ثلاث صفحات، قدمت فيها المجموعة الكاملة بامتياز منقطع النظير.
مما كتبته الدكتورة هيفاء:
«لم يركب هيثم بودي موجة تجريح مجتمعنا الكويتي، ولم يلجأ إلى الإساءة لماضي مجتمعه الأصيل، ولا لتلك الشخصيات القديمة المضيئة بأخلاقها التي عاشت قبل اكتشاف النفط في فترةٍ قاسية، كما يفعل غيره من الكتاب لتحقيق الشهرة وكسب انتباه الناس».
وفي مكان آخر كتبت:
«تدفعني بعض شخصيات هيثم بودي إلى التعاطف معها، والتعايش مع ما تمر به من ضغوطات نفسية في ظل ظروف اجتماعية مختلفة، تجد نفسك أمام تجسيد إبداعي نفسي جميل».
واللافت للانتباه أن المؤلف هيثم بودي يكتب الإهداء في مؤلفاته «إلى كل الأجيال»، وقد أصاب الرجل في ذلك، فإن الأجيال التي تعيش الزمن الراهن هي في أمسِّ الحاجة إلى معرفة كيف كانت حياة كويت ما قبل النفط.