مشروع القرية التراثية أصبح من التراث!

نشر في 30-12-2022
آخر تحديث 29-12-2022 | 19:07
 د. هشام كلندر من المعلوم أن الدول المتحضرة تحافظ على تراثها ومعالمها القديمة، وتستغلها بإقامة القرى التراثية، بحيث تكون مركز استقطاب تجاري وسياحي، وكذلك مركز ثقافي وعلمي وتوثيقي لتعريف الشعوب المختلفة بإرثها وثقافتها وما بناه الآباء والأجداد، وفي الكويت كان هناك مشروع للقيام بعمل قرية تراثية لتحقيق الأهداف السابقة.

بدأت الحكاية عندما أعلن في ٢٠٠٣ البدء بتنفيذ القرية التراثية في شارع عبدالله الأحمد بنظام الـ«بي أو تي» التي ستبنى خلال ١٨ شهراً، وستكون إدارة المشروع ٢٠ سنة للمستثمر، وبعدها تؤول القرية كاملة إلى إدارة الدولة، وإلى الآن بعد مرور ١٩ عاماً من ذلك التاريخ لم توضع النهاية!

وللتوضيح فقط نظام الـ «بي أو تي» هو شكل من أشكال تمويل المشروعات، تمنح بموجبه دولة ما مستثمراً أو مجموعة من المستثمرين امتيازا لتمويل وتنفيذ مشروع معين، ثم تشغيله واستغلاله تجاريا لمدة زمنية، وبعد نهاية مدة العقد يعود المشروع إلى الدولة.



لن أخوض في تفاصيل القصة، لكن الفشل في حل هذا الملف إلى الآن يعطينا مؤشراً سلبياً بطريقة إدارة مشاريع الدولة، وأعطيكم صورة نمطية للحلول من وجهة المسؤول، وسأذكر الخبر دون تعليق، الذي نشر في ٢٠١٩: «حلّت وزارة المالية أخيراً «عُقدة» مشروع تطوير شارع عبدالله الأحمد (القرية التراثية)، باتخاذها قراراً نهائياً يقضي بفسخ عقد المستثمر، بعد مرور ١٥ سنة على توقيع العقد في عام 2004». ففي وجهة نظرهم الحل يكون بالحل!

أسفاً على بلدي الذي كان منارة ثقافية، أسفاً على بلدي الذي صدرت منه مجلة العربي التي وصلت إلى جميع الدول العربية، أسفا على بلدي الذي كنا نفتخر بمعالمه الحضارية، كما نفتخر بإرثه ومبانيه التراثية، أسفا أن يصل إلى هذه الحالة على الرغم من أنه اليوم مصنف من الدول الغنية، وفي السابق كنا أفضل على الرغم من قلة الميزانية، ولكن كنا أغنياء بالإخلاص والعمل للبلد بجدية.

أين دور المشرعين؟ وأين دور المراقبين؟ وأين الالتزام والمحاسبة والإنجاز؟ إذا كان هذا النهج هو المتبع في تنفيذ المشاريع فنحن إلى التراجع أقرب، ونأمل في قادم الأيام أن يتغير النهج، وأن يُلتفت للملفات العالقة، ويُحاسَب المقصرون، وإلا انطبق علينا المثل الذي يقول «شر البلية ما يضحك».

نعم إن استمر الأمر على ذلك الوضع فلزاما علينا أن ننفذ مشروعاً جديداً نسميه مشروع القرية التراثية لتوثيق مشروع القرية التراثية، لأن المشروع كما أوضحنا معلق منذ أكثر من ١٨ سنة، وهو على وضعه وخرابه، وصار من الإرث التراثي، ويحتاج منا إلى توثيق كنموذج للفشل الإداري!!

back to top