البابا فرانسيس: إرث المحبة والحاجة إلى تجديد روحي
كان أعظم إنجازات البابا فرانسيس تقديم الكنيسة الكاثوليكية كملجأ لكل البشر، واصفاً إياها بـ «مستشفى ميداني بعد المعركة» يستقبل المهمَّشين والمجروحين. ظهر تواضعه وبساطته بوضوح منذ بداية حبريته، مثل صورته الشهيرة وهو يحتضن رجلاً مشوَّهاً بأورام خطيرة.
كانت رسالته المركزية أن محبَّة المسيح تشمل الجميع، بلا استثناء، وأنه لا مكان للخزي أو الإقصاء داخل الكنيسة.
هذه الرسالة تركت أثراً عميقاً، خصوصاً في ظل اتجاهه الليبرالي، مقارنةً بالباباوات المحافظين الذين سبقوه. ومع ذلك، ورغم التقدير لشخصه، فإن رحيله لم يترك حزناً عميقاً، إذ إن عهده، الذي دام 12 عاماً، اتسم بالارتباك، ومواقف متناقضة، وغياب واضح للوضوح العقائدي. تجلَّى ذلك في «سينودس السينودسية» الذي بدا بلا هدف محدَّد، وفي قمعه الحاد للقداس اللاتيني التقليدي.
مع وفاة فرانسيس، بدا أن مكانة الفاتيكان والبابوية نفسها قد تقلَّصت، نتيجة تراكم الفضائح، واستقالة سلفه بندكتس السادس عشر، وغياب الحسم في قيادة فرانسيس. كما أشار الصحافي روس دوتات، فإن فرانسيس عمَّق الشكوك لدى المحافظين، مما أضعف أحد أعمدة قوة البابوية التقليدية.
ورغم ذلك، هناك مساحة للأمل. فحين تضعف المؤسسات، تظهر فرص لتجديد حقيقي. العالم اليوم، الذي يواجه أزمات أخلاقية، واضطرابات سياسية، ومخاوف من الذكاء الاصطناعي والطغاة النوويين، بحاجة مُلحَّة لإيمان قوي ومتين.
لقد آن الأوان للكنيسة أن تتحوَّل من محاولة «مسايرة الحداثة» إلى التركيز على الأبدية. عليها أن تُعيد توجيه الأنظار نحو المسيح، وتستعيد رسالتها الجوهرية: تعليم الإيمان، وتفسير العقيدة، ومخاطبة القلب البشري الجائع للمعنى والثبات.
البابا المقبل يجب أن يكون رجل تعليم وروحانية، عاشقاً للمسيح بفرح شفاف، ينقله إلى العالم من حوله. لا بد أن يتسم بالبهجة الحقيقية، تماماً كما جسَّدها القديس فيليب نيري، شفيع الفرح، الذي خدم شعبه بالحُب والمرح، معتبراً أن الفرح يعبِّر عن التقديس، لا يتعارض معه.
إن الكنيسة بحاجة إلى قائد يبث الأمل، ويستعيد إشراقة الإيمان البسيط والعميق، بعيداً عن الجدالات العقيمة. كما كانت تقول الراهبات: «المسيح قادم- فانشغلوا بشيء!» حان الوقت لبث حياة جديدة في العالم من خلال الفرح النابع من الإيمان.
* بيغي نونان