رئيس «هيلزديل» يتحدى «هارفارد»
في وقتٍ يصعّد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على جامعات النخبة، وعلى رأسها «هارفارد»، بسبب التمويل الفدرالي، يبرز لاري آرن، رئيس كلية «هيلزديل» الصغيرة في ميشيغان، كصوت يدعو إلى ثورة في التعليم العالي تُعيد الجامعات إلى استقلاليتها الأولى.
كلية «هيلزديل»، المسيحية غير الطائفية، التي تأسست عام 1844، ترفض التمويل الحكومي بالكامل، ما يمنحها حرية أكاديمية تامة. يقول آرن: «لا يعطينا أحد المال إلا إذا أراد، وهذا ما يحمينا من بيروقراطية الحكومة وشروطها».
ويأتي قرار تعليق التمويل الفدرالي لعدد من الجامعات الكبرى، من بينها هارفارد وكولومبيا وبراون، بعد اتهامها بالفشل في مواجهة معاداة السامية والترويج لسياسات التنوّع التي تقمع الآراء المخالفة، في وقت تُقدَّر حصة هارفارد وحدها من هذا التمويل بـ2.26 مليار دولار.
وردّ رئيس جامعة هارفارد المؤقت، آلان غاربر بأنه «لا يحق لأي حكومة أن تملي علينا من ندرّس أو نوظّف»، لكن آرن يردّ ساخراً: «الحل بسيط، ارفضوا أموال دافعي الضرائب».
في رأي آرن أن مشكلة التعليم العالي بدأت في الستينيات، عندما كثّف التدخل الحكومي بموجب قانون التعليم العالي لعام 1965. ويضيف: «لا يمكن لمجتمع أن يكون حراً إذا كانت مؤسساته خاضعة للدولة».
ورغم أن عدد طلاب «هيلزديل» لا يتجاوز 1400، مقارنةً بأكثر من 21 ألفاً في «هارفارد»، يرى آرن أن الاستقلال المالي أهم من الحجم أو الثروة، متسائلاً: «لماذا تحتاج هارفارد إلى هذا الكم من التمويل، وهي تملك صندوقاً بقيمة 53 مليار دولار؟!».
وينتقد آرن التحول الذي شهدته الجامعات منذ عهد المفكرين التقدميين مثل جون ديوي، الذين حوّلوا التعليم إلى وسيلة للهندسة الاجتماعية، بدلاً من أن يكون مكاناً لتنمية الإنسان.
ويروي قصة طالبة وصفَت نفسها بـ «المحافظة»، فسألها: «ما معنى ذلك؟» فلم تعرف. فأجاب: «ليست المسألة في أن تتبني موقفاً سياسياً، بل أن تفهميه أولاً».
أما بشأن الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات، فيرى آرن أن الطلاب «يجهلون التاريخ»، ويتساءل: «لماذا لا يتعلمون قبل أن يطالبوا بتغيير السياسات؟».
وفي المقابل، يؤكد أن طلاب «هيلزديل» يعيشون في بيئة منضبطة، حيث تُكفل حرية التعبير، لكن ضمن ضوابط الاحترام الأكاديمي. ويضيف: «يمكنك انتقاد إسرائيل، لكن لا يمكنك الصراخ بالكراهية».
ويختم آرن: «هارفارد مؤسسة عظيمة، لكنها بحاجة إلى مراجعة مسارها، ما يجري اليوم قد يكون لحظة مفصلية لإصلاح التعليم في أميركا».
تونكو فاراداراجان
*كاتب في صحيفة «وول ستريت جورنال»، وزميل في معهد «أمريكان إنتربرايز» ومعهد القانون الليبرالي الكلاسيكي بجامعة نيويورك