رحيل البابا فرانسيس صديق العالم العربي والداعم لحوار الأديان
غداة يوم حافل تجول فيه بين المحتفلين بعيد الفصح المسيحي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وبعد صراع مع التهاب رئوي، توفي البابا فرانسيس عن 88 عاماً في شقته المتواضعة بالمقر الباباوي التي اختار المكوث بها منذ توليه منصب القائد الروحي لملايين الكاثوليك حول العالم في 2013.
وأثارت وفاة فرانسيس، الأرجنتيني الجنسية، والذي أطلق عليه البعض لقب «بابا الفقراء»، موجة من الإشادات العالمية بالقيم والمبادئ الإنسانية التي دافع عنها، وأبرزها السلام والعدالة الاجتماعية والحوار بين الأديان والتضامن الإنساني مع ضحايا الحروب والمهاجرين واللاجئين والانفتاح على الآخر المختلف والتسامح، في وقت تتصاعد الميول القومية المتشددة والحمائية الاقتصادية والثقافية.
وفرانسيس هو البابا رقم 266، وهو أول شخص غير أوروبي يتولى منصب الحبر الأعظم منذ 1200 عاماً عندما تولى المنصب البابا غريغوري الثالث من سورية (731 – 741). ويحمل فرانسيس عدة ألقاب أخرى وله علاقة بالعالم العربي، فهو أكثر حبر أعظم زار دولاً عربية وأول بابا يزور شبه الجزيرة العربية.
وزار البابا فرانسيس سبع دول عربية خلال فترة حبريته هي الأردن وفلسطين ومصر والإمارات والمغرب والعراق والبحرين. وكان البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني زار 5 دول عربية هي المغرب ولبنان والأردن وفلسطين وسورية.
ومن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، وصولاً إلى حركة «حماس» الفلسطينية، و«حزب الله» اللبناني، توالت الإشادات والتعازي بالبابا الراحل.
ونعى شيخ الأزهر أحمد الطيب البابا فرانسيس الذي التقاه في الإمارات، وقال إنه سخر حياته «في العمل من أجل الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء، ودعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة»، مشيداً بـ «حرصه على توطيد العلاقة مع الأزهر ومع العالم الإسلامي».
وأشاد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، الذي زاره فرانسيس في مقره بالنجف، بدور الأخير «المميّز في خدمة قضايا السلام والتسامح وإبداء التضامن مع المظلومين والمضطهدين في مختلف أرجاء العالم».
من جهته، استحضر أبوالغيط على نحو خاص آخر عظات البابا التي ألقاها بمناسبة عيد الفصح أمس الأول والتي أشار خلالها إلى أن «فكره يتوجه إلى شعب غزة»، داعياً إلى «وقف إطلاق النار وتقديم المساعدة للشعب الذي يتضور جوعاً ويتوق شوقاً إلى مستقبل يسوده السلام».
ومع تجمع الآلاف في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان في اثنين الفصح لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش البابا الراحل، تبدأ التكهنات حول الشخصية التي سيختارها الكرادلة من حول العالم لخلافته، وأي رسالة سيحملها البابا الجديد للعالم المسيحي.
ويحسب البابا الراحل على التيار الإصلاحي في الكنيسة، وكانت له مواقف اجتماعية تقدمية خصوصاً فيما يتعلق بالمثليين والأقليات الجنسية ودور المرأة، وكان معارضاً للمركزية الشديدة وللجمود العقائدي، وأثار غضب المحافظين طوال فترة توليه المنصب.
ومن بين المرشحين البارزين الكاردينال الإيطالي بيترو بارولين كبير دبلوماسيي الفاتيكان، والذي يعد خياراً آمناً من يمين الوسط، والفرنسي جان مارك أفيلين الذي يميل إلى اليسار. وعلى اللائحة غير النهائية أيضاً شخصيات مثيرة بينها الفلبيني لويس تاغلي من يسار الوسط، والسريلانكي مالكوم رانجيث الذي له علاقات قوية مع الجنوب الكاثوليكي الصاعد. كما تردد اسما الكاردينال الغاني بيتر توركسون والغيني روبرت ساره.