وقف تمويل صوت أميركا... انتصار للصين وإيران

نشر في 18-04-2025
آخر تحديث 17-04-2025 | 17:40
 وول ستريت جورنال

بعد اجتماع وزاري متوتر هذا الشهر، انتقد خلاله وزير الخارجية ماركو روبيو ورؤساء أقسام آخرون عمليات الفصل الواسعة للموظفين الفدراليين التي أجراها إيلون ماسك، قال الرئيس ترامب لماسك إنه ينبغي عليه استخدام «المشرط» بدلاً من «الفأس» عند التوصية بعمليات تسريح مستقبلية.

يوم الجمعة الماضي، وباستخدام تعريفه الخاص لـ»المشرط»، قام ترامب بتفكيك سبع هيئات حكومية، بما في ذلك الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، التي تشرف على «صوت أميركا» ووسائل البث الدولية الأخرى. وفي الوقت نفسه، فرضت وزارة كفاءة الحكومة، التي يديرها ماسك، تجميداً للتمويل لمدة شهر على «صوت أميركا».

ويوم السبت، تم منح جميع صحفيي «صوت أميركا» تقريباً إجازة إدارية مدفوعة الأجر، بما في ذلك مديرها.

أشار ماسك إلى رغبته في إغلاق «صوت أميركا» في فبراير، عندما هاجمها وإذاعة «أوروبا الحرة» عبر تغريدة، وهما منظمتان أنشئتا لترسيخ القيم الديموقراطية في الدول التي تعاني من غياب حرية الصحافة. وفي تلاعب باسم «إذاعة أوروبا الحرة»، غرد ماسك قائلاً: «أوروبا حرة الآن (باستثناء البيروقراطية الخانقة). مرحبًا؟؟» فهل يعتقد ماسك أن روسيا، التي تبث إليها إذاعة «أوروبا الحرة» على مدار 24 ساعة يومياً، حرة؟ ثم وسّع نطاق هجومه قائلاً: «لم يعد أحد يستمع إليهم بعد الآن، إنها مجرد مجموعة من الراديكاليين اليساريين المجانين يتحدثون مع أنفسهم بينما يحرقون مليار دولار سنوياً من أموال دافعي الضرائب الأميركيين».

يبدو أن ماسك لا يعرف عما يتحدث. فميزانية «صوت أميركا» السنوية تبلغ حوالي 270 مليون دولار، ويصل إلى جمهور عالمي يبلغ حوالي 360 مليون شخص أسبوعياً. في إفريقيا، توسع جمهور الإذاعة من 78 مليوناً إلى ما يقرب من 94 مليوناً خلال العامين الماضيين. إن القضاء على قسم إفريقيا في «صوت أميركا» سيسمح للدعاية الصينية والروسية بالسيطرة على المعركة الفكرية في منطقة يتوقع أن يتضاعف عدد سكانها خلال الـ25 عاماً المقبلة.

تعد «صوت أميركا» أحد المصادر الإخبارية القليلة المستندة إلى الحقائق التي تصل إلى الصين. ففي لحظات الأزمات، مثل مذبحة ساحة تيانانمن عام 1989، اعتمد الملايين من الصينيين على «صوت أميركا» للحصول على تقارير صادقة لا يمكنهم العثور عليها في وسائل الإعلام الصينية. كما تعمل «صوت أميركا» على مواجهة حرب التضليل المستمرة التي تشنها الصين ضد الولايات المتحدة. ليس من المستغرب أن وسائل الإعلام الحكومية الصينية احتفلت بإعلان تعليق عمل صحفيي «صوت أميركا».

وبالمثل، احتفت وسائل الإعلام الإيرانية ومستشارو المرشد الأعلى علي خامنئي بالأنباء التي تفيد بأن إدارة ترامب قامت بتفكيك «صوت أميركا»، مما أدى فعلياً إلى وقف بثها إلى إيران.

وعلى الرغم من جهود الحكومة الإيرانية لمنع هذه البثوث، فقد توسع جمهور «صوت أميركا» في إيران بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ففي العام الماضي، حصل موقع الإذاعة الفارسية على 223 مليون زيارة، وحصل خطاب ترامب أمام الكونغرس في 4 مارس على 1.3 مليون مشاهدة في إيران عبر «صوت أميركا».

تنفق الصين أكثر من عشرة أضعاف ما تنفقه «صوت أميركا» على أنشطتها الإعلامية الدولية. مايك والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، دعا منذ فترة طويلة إلى موقف متشدد تجاه بكين.

فماذا سيكون رأيه بشأن استسلام أميركا في الحرب الإعلامية ضد الصين؟ وماذا عن إلبريدج كولبي، مرشح ترامب لمنصب وكيل وزارة الدفاع للسياسات، الذي كتب أن «أكبر تهديد خارجي لأميركا هو الصين – وبفارق شاسع»؟

لقد ارتكب «صوت أميركا» أخطاء، كما هو الحال مع كل مؤسسة إعلامية، وهناك حاجة ماسة للإصلاحات المعقولة. يمكن لنهج «المشرط بدل الفأس» أن يحدّ من البيروقراطية في الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، ويقضي على التداخل بين «صوت أميركا» والمؤسسات الإذاعية الإقليمية مثل «إذاعة أوروبا الحرة»، ويحسّن الرقابة التحريرية.

ساعدت حملة إعلامية فعالة ترامب على العودة إلى منصبه. لذا، فهو يدرك قوة التأثير في تشكيل الرأي العام لدعم أهدافه. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشؤون الدولية، يبدو أنه يعاني من «نقطة عمياء». إذ يبدو أن ترامب يؤمن باستخدام مزيج من الترغيب والترهيب لتغيير سياسات قادة الدول الأخرى، لكنه لا يؤمن باستخدام الإعلام الموجه للتأثير على الرأي العام الخارجي.

الرأي العام مهم، ولهذا السبب يعمل الطغاة بجد على التلاعب به. فإذا لم يتمكن مواطنوهم من الوصول إلى وجهات نظر بديلة، فسيكون من الأسهل على هؤلاء الحكام تحقيق أهدافهم بتكلفة وجهد أقل. لا ينبغي للولايات المتحدة أن تسهل عليهم هذه المهمة. بل يجب أن نصلح «صوت أميركا»، لا أن ننهيها.

* ويليام أ. غالستون مفكر أميركي - زميل أول في معهد «بروكينغز» - وول ستريت جورنال

back to top