معاناة البحث والباحثين

نشر في 18-04-2025
آخر تحديث 17-04-2025 | 17:38
 بشار محمد خالد خليفوه

الباحث هو ذات الإنسان واللسان الناطق المفكر في ضمير القضايا العلمية والمجتمعية، هو يعيش صراع الماضي من المعاناة جراء فلسفته الخاصة ورسالته التي يعمل عليها في نشر أبحاثه ودراساته وأفكاره، وذلك ما نعيشه على الصعيد الأكاديمي والعلمي في عالمنا العربي.

فما هي إذن قيمة المجتمع العربي إذا لم يكن يعمل نحو الاستزادة بأفكار جديدة تحاكي الواقع من طرف وفي الطرف الآخر تمتثل هذه الأفكار طريق المنهج العلمي الصحيح نحو الالتزام بقواعد البحث العلمي الأكاديمي؟ وما قيمة المجتمع الذي لا تتجدد فيه الأفكار؟ كيف يعيش؟ وكيف يعمل بوجود أفكار بالية ومستهلكة؟ بل إن من واجبات الباحث صاحب المسؤولية الصادقة هو أن يأتي دائماً بجديد نحو أفكار يطرحها على الساحة العلمية ليجرب فعاليتها في صلاح واستصلاح معاناة الناس نحو متطلبات الحضارة لكل مناحي الحياة، على أن من أهم واجباته بعد هدف الإتيان بأفكار جديدة هو أيضاً معالجة الأفكار المريضة.

فالأفكار متى ما ألقيت في الساحة فهي مخولة نحو اتجاهين إما أن تنتصر أو أنها تفشل، ربما تصل بحد الفشل أنها تمرض ولكنها لا تموت، فويل لمجتمع يعيش بين أفكار علمية مريضة، فهناك أمراض وفيروسات كثيرة خاصة للأفكار يجب تصنيفها ومعرفتها والعمل على استكشافها تحت مسمى بند (أمراض الأفكار) التي هي حتماً في المقابل تحتاج إلى اللقاح والعلاج المناسب لكي تبرأ وتتعافى.

لذلك كان الباحثون يسعون إلى تقديم الجديد من الأفكار التي تساهم في تحريك عجلة التمدن والتطور بالإضافة إلى معالجة الأفكار الموجودة بما تشوبها شائبة الأمراض التي تعتريها. والتي تجعل من الباحث ربما لا يهدأ ولا ينام جراء هذه الأعمال التي يؤديها نحو رسالته العلمية التي تمليها عليه أفكاره ومعتقداته ومعاناته ومجهوداته البحثية. ذلك الذي ينهك الباحثين العاملين حيث تجد انعكاس ذلك جلياً على صحتهم وحياتهم وهو نتيجة ما يضحي من وقته وماله الخاص في مقابل تحقيق رسالته العلمية الذي تنادي نحو تطور المجتمعات.

أقول إن ما ذكرته قبل قليل من تضحيات وصراع الباحثين مع أنفسهم حول معاناة الرسالة التي يحملونها هي قطرة من فرات صعب في مقابل ما يواجه ذلك الباحث من صراعات متنوعة في سبيل أن يكمل الطريق أو يعتزل هذه المهنة الشاقة، أو أنه يمرض مع مجموع هذه الأمراض السائدة !!

* باحث ومؤرخ ومتخصص في الآثار المعمارية

back to top