هل تحاول واشنطن عزل الأوروبيين عن مفاوضات إيران؟
تباين داخل إدارة ترامب... وطهران ترفض التنازل عن «حق» التخصيب
لا يزال الأخذ والرد متواصلاً حول مكان انعقاد الجلسة الثانية من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الايراني، في وقت اندلع سجال مبكر بين الجانبين حول تخصيب اليورانيوم، مع الحديث عن انقسام في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سبل التعامل مع طهران.
وقال مصدر مطلع لـ «أكسيوس» إن الجولة الثانية المقررة بعد غد السبت ستعقد في روما بدلاً من مسقط في سلطنة عُمان. وبذلك يكون مكان المحادثات القادمة نُقل مرتين، من روما إلى مسقط ثم إلى روما مجدداً.
ونفى مصدر في الخارجية الإيرانية علاقة بلاده بهذا التغيير، قائلاً إنها فوضت مسقط بتحديد المكان.
وبحسب المصدر، فإن إدارة ترامب ترغب في تغيير المكان إلى روما حيث إن إيطاليا لم تكن جزءاً من مجموعة 5+1 التي تضم الدول الدائمة العضوية في الأمم المتحدة وألمانيا، والتي فاوضت على الاتفاق النووي الموقع في 2015 والذي خرج منه ترامب في عام 2018 ويطلق عليه «اتفاق أوباما» نسبة إلى الرئيس الأميركي الديموقراطي الأسبق باراك أوباما.
وفي واشنطن، عقد ترامب أمس الأول، اجتماعاً بكبار مساعديه للأمن القومي والسياسة الخارجية، لمناقشة الموقف الأميركي قبل الاجتماع الثاني المرتقب مع الإيرانيين.
وذكر مصدران مطلعان لـ»أكسيوس» أن الاجتماع شهد انقساماً حاداً بين أعضاء الإدارة، إذ يرى نائب الرئيس جي دي فانس والمبعوث الرئاسي الخاص ستيف ويتكوف الذي يتولى ملفات إيران وأوكرانيا وغزة، أن الدبلوماسية يمكن أن توصل إلى اتفاق، وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيق ذلك، في حين يعرب وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز وآخرون عن تشككهم الشديد ويؤيدون اتباع نهج الضغط الأقصى.
ووسط غياب دول الترويكا الأوروبية عن مسار التفاوض بين واشنطن وطهران، من المقرر أن يجري روبيو وويتكوف زيارة إلى فرنسا لمناقشة ضمن قضايا أخرى المسألة النووية الإيرانية.
تمسك ورسالة
في موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رئيس الوفد التفاوضي الإيراني، تمسك بلده بـ «حقها في استمرار تخصيب اليورانيوم»، منتقداً ما وصفه بـ «المواقف المتناقضة» لويتكوف.
وقال عراقجي: «إننا سمعنا مواقف مختلفة من الجانب الأميركي، بعضها متناقض، وهذا لا يخدم أبداً سلك المفاوضات مساراً مناسباً»، مؤكداً أن «المواقف الحقيقية ستتضح خلف طاولة التفاوض».
وشدد على أن الجانب الأميركي «إذا حضر المفاوضات بمواقف بنّاءة، فأنا آمل في أن نبدأ التفاوض حول إطار اتفاق محتمل، لكن استمرار المواقف المتناقضة سيكون مشكلة».
ورأى وزير خارجية إيران أن «المفاوضات يمكن أن تمضي إلى الأمام على أساس موقف متساوٍ، وفي أجواء احترام»، مؤكداً أن استمرار الضغط بموازاة استمرار المفاوضات «لن يحقق أي مكسب، وأي شيء عبر الضغط، وفرض مواقفهم، ونحن أثبتنا هذا عبر أفعالنا ومواقفنا». وشدد على أن مبدأ تخصيب اليورانيوم ليس قابلاً للتفاوض رغم الاستعداد لبناء الثقة بشأن المخاوف المحتملة.
وكان ويتكوف تحدث عن إمكانية تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 3.67 في المئة وهو الحد المسموح به في الاتفاق النووي السابق، ثم عاد بعدها وتحدث عن ضرورة وقف إيران كل عمليات التخصيب.
وعشية زيارة عراقجي إلى موسكو، ذكر الكرملين أن روسيا مستعدة مع الصين أن تضمنا أي اتفاق يتم التوصل إليه مع طهران. من ناحيته، أشار عراقجي إلى أنه سيحمل «رسالة نصية» من المرشد الإيراني إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي التقى ويتكوف قبل ساعات من انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات في مسقط.
موسكو تطرح نفسها ضامنة لأي اتفاق بين طهران وواشنطن
وبالتزامن مع بدء مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي زيارة مهمة إلى طهران لبحث عدة ملفات حساسة بشأن أنشطتها النووية، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن حكومته ترحب بالاتفاق الذي قد تفرزه المفاوضات الدائرة مع الولايات المتحدة بوساطة عمانية، مشدداً في الوقت نفسه على أنه لم يربط قضايا البلاد بمصير المباحثات التي بدأت السبت الماضي في مسقط.
وقال بزشكيان، في تصريحات أمس، إن «مسار المفاوضات مع الأميركيين، يسير بشكل طبيعي وعادي، كما أن شؤون البلاد تُنفَّذ وتُتابع في مسارها الطبيعي دون أي توقف ولو للحظة واحدة بسبب هذه القضايا والمناقشات». وشكر بزشكيان المرشد علي خامنئي على دعمه لمسار التفاوض، لافتاً إلى أنه يرحب بأي اتفاق يتم التوصل إليه على طاولة التفاوض.
وفي وقت تهيئ طهران نفسها لاحتمال التوصل إلى تفاهم مع واشنطن، ذكر المتحدث باسم مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن دهنوي أن المجلس بدأ مراجعة انضمام إيران إلى مشروعي قانون «مكافحة تمويل الإرهاب» و«باليرمو» الخاص بالجريمة المنظمة.
ووسط تقارير غير مؤكدة عن تحركات داخل مقر السفارة الأميركية المغلقة في طهران، ذكر متحدث باسم الحكومة الإيرانية أن مسألة إعادة فتح المقر الدبلوماسي تأتي بعد حل القضايا الأخرى، مشيراً إلى إمكانية دخول الاستثمارات الأميركية إلى بلده وفق الآليات المحددة في حال تم التوصل إلى اتفاق.
وفي وقت تنظر إسرائيل بعين الريبة لاحتمال توصل ترامب إلى «اتفاق نووي سيئ» مع عدوتها اللدودة، أفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعمل على تخزين الأسلحة المنقولة من الولايات المتحدة عبر جسر جوّي بدأ قبل أسابيع، وتضمن نقل قنابل خارقة للتحصينات ثقيلة ومتوسطة بهدف الاستعداد لاحتمال فشل المفاوضات وإمكانية اللجوء لتوجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية. كما أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» نقلاً عن مصادر إسرائيلية بحثية، بأن أحد السيناريوهات التي قد تلجأ لها إسرائيل هو اغتيال قائد سلاح الجو في «الحرس الثوري»، العميد أمير علي حاجي زاده، بهدف تقويض أي اتفاق نووي «ضعيف» قد تُبرمه إدارة ترامب مع طهران، وجر إيران إلى مواجهة مباشرة.