رياح وأوتاد: الاستثناءات التي ابتلشت بها الديرة وأخلت بالعدالة
الاستثناء هو إجراء يقصد منه الخروج من الشروط الواردة في القوانين (التي هي قواعد عامة مجردة تضمن المساواة والعدالة) من أجل اتخاذ قرار لا تنطبق عليه هذه الشروط. ومن المؤسف أن بعض القوانين واللوائح احتوت نصوصها على صلاحية الاستثناء من بعض الشروط الواردة فيها، مثل المادة الثامنة من قانون الجنسية الخاصة بزوجة الكويتي، حيث يمكن للوزير الاستثناء من شرط المدة وشروط أخرى، وكذلك المادة 80 من قانون التأمينات التي مكنت مجلس الوزراء من صرف معاش استثنائي بلا حدود لمن يريد خلافاً لكل شروط القانون، وأيضاً حق الوزراء في الاستثناء بقبول الضباط، وكذلك بعض اللوائح القديمة مثل لائحة البناء في قانون البلدية التي مكنت بعض المسؤولين من استثناءات عديدة في المباني مثل نسبة البناء وغيرها، ومراسيم الخدمة المدنية التي أدت إلى صرف كوادر وبدلات لفئات دون أخرى.
وفور تسلمي وزارة البلدية بعد إقرار القانون 2005/5 قمت بإيقاف أي استثناء في نظام البناء واعتبار أي استثناء يقوم به أي مدير أو مسؤول باطلاً ولا يحتج به أمام المحاكم.
وللأسف، أدى هذا القرار إلى استياء وهجوم ممن تعودوا على الاستثناء للحصول على فضل على المواطن أو النائب، كما اكتشفت أن عمارات كثيرة جداً قد تم ترخيصها دون مواقف للسيارات في استثناء صريح ومخالف لنظم البناء في «الاستثماري».
وللحيلولة دون عودة الاستثناءات بعد تركي البلدية قدمت إلى الأخت جنان بوشهري نفس القرار ولكن على شكل قانون وقامت بتقديمه - جزاها الله خيراً- وصدر بنجاح في المادة 49 من القانون 2016/33، بفضل الله.
وبعد عودتي إلى مجلس 2006 قدمت اقتراحين بقانونين بتعديل المرسوم بالقانون 116 لسنة 1992 بشأن التنظيم الإداري لوقف الاستثناء من جميع القوانين وعرضها على لجان مختصة وإلا تكون باطلة، ولكن للأسف لم يتم إقرار أي منها واستمرت الاستثناءات.
أما الاستثناءات من المادة الثامنة من قانون الجنسية فقد تم نشر الكثير منها في هذه الأيام، وتم اكتشاف الأضرار والتجاوزات التي تسببت بها. وكذلك ظهرت للعيان كلفة وأخطاء الكوادر التي أقرت دون دراسة كافية ودون إعمال لمبادئ العدالة والحاجة والضرورة الفعلية. وتثار الآن مطالب بضرورة إصلاح خطأ الكوادر بنظام جديد شامل لهيكل الرواتب.
هذه الأحداث التاريخية تثبت أن عيوب الاستثناءات أكبر من فوائدها، وأن الذين دافعوا عن الاستثناءات في السابق ارتكبوا خطأً كبيراً وأنهم كانوا يطالبون بإبقائها من أجل الواسطات للواصلين والمتنفذين ولا ينظرون إلى خطورتها المستقبلية، وأن على الحكومة اليوم أن تسارع إلى إلغاء جميع الاستثناءات أينما وردت في أي قانون، تحقيقاً للعدالة الشرعية والمصلحة العامة للمواطنين.