مرافعة: ترؤس الدوائر ومُدد الترقيات!

نشر في 17-04-2025
آخر تحديث 16-04-2025 | 20:06
 حسين العبدالله

بينما يؤكد مشروع قانون تنظيم القضاء، المُعد من قِبل وزارة العدل، في مسودته الأولى على تكويت السُّلطة القضائية خلال خمس سنوات في القضاء والنيابة العامة، تشترط جُملة من القواعد الواردة في قانون المرافعات ترؤس الدوائر القضائية من بعض الدرجات القضائية، كوكلاء محكمة، أو حتى بدرجة مستشارين، وهو أمر قد لا يمكن تحققه، في ظل تحقيق أفكار المشروع بتكويت القضاء، أو حتى بإقرار مشروع تقاعد أعضاء السُّلطة القضائية حال بلوغهم سن 65 عاماً.

وإقرار التكويت خلال المدة المقررة في مشروع القانون سوف يتطلب تغطية العجز الذي سيُصيب المحاكم العُليا، كالاستئناف والتمييز، إزاء تأثرها من إنفاذ أحكام تكويت القضاء، وهو ما سيؤدي إلى نقل السادة القضاة من درجة مستشارين إلى محكمة الاستئناف ومَنْ هم بدرجة وكيل محكمة الاستئناف إلى محكمة التمييز، وهو الأمر الذي سيُحدث بعض الربكة بالعمل في توزيع عمل دوائر المحكمة الكُلية، لاسيما في ظل وجود النصوص التي تقرر وجوب تشكيل الهيئات القضائية في المحكمة الكلية برئاسة مستشار أو وكيل محكمة، كما هو وارد في حُكم المادة 297 من قانون المرافعات، والتي تُوجب ندب أحد السادة القضاة من وكلاء المحكمة للفصل في التظلمات التي تُقام على قرارات منع السفر، أو حتى الحبس، أو غيرها من قرارات، وهو الأمر الذي يستدعي النظر لأهميته، لاسيما في ظل الحاجة إلى ضمان إصدار الأحكام وفق المعايير الفنية التي تتطلبها جودة الأحكام.

وعلى صعيد آخر، ضمن ما أورده المشروع أن تكون مدة البقاء في الدرجات القضائية خمس سنوات، إلا أن المشروع قرر خفض المدة البينية بين درجة مستشار ووكيل محكمة الاستئناف إلى ثلاث سنوات، بدلاً من مدة 10 سنوات الواردة في القانون الحالي.

وفي ظل أفكار التكويت، فإن المدَّد المقررة للترقيات بالمشروع تستدعي إعادة النظر في المُدد الزمنية بين الدرجات القضائية، وتوحيدها إلى مُدد أقل من المُدد الحالية، مع إمكانية زيادة تلك الدرجات، وربطها بالحوافز المالية، وبقواعد التفتيش القضائي، بما يحقق فكرة التحفيز، للحصول على الدرجات الأعلى المقترنة بفكرتَي الترقية والحافز المالي، علاوة على ربطها بضابط التفتيش على أعمال العضو القضائي طالما بقي في المنصب القضائي.

ومن بين الأفكار التي تدعو لها وزارة العدل، وهي في طريقها إلى مراجعة أفكار ورؤى المشروع، ضرورة استيعاب أن القضاء مازال في بداية نشأته وحاجته لرفع أعداده من الكوادر الفنية المتخصصة والمؤهلة لتولي منصة العدالة. والأمر الآخر، أن القضاء بحاجة على نحو مستمر إلى رفع كفاءة عناصره ومنتسبيه، وفق أذرعته الداخلية في معهد القضاء وإدارة التفتيش القضائي، وهما ما يتعيَّن دعمهما، والإفراد لهما في أحكام القانون.

كما أن أفكار التشريع يجب أن تقف على حقيقة كفاءة عمل القاضي ومهاراته، والواقع الذي يواجهه، والمهام التي يتعيَّن عليه أن يؤديها، في ظل الارتفاع الكبير للدعاوى والأنزعة المعروضة أمامه، والدوائر القضائية التي يتم إشراكه فيها، والنظر إلى مهمة إصداره لأحكام ذات جودة عالية، وهو ما يستدعي التفكير أيضاً في رفع قدراته الفنية، وكيفية تطويرها، في ظل الأعباء الكبيرة المُلقاة على عاتقه وهو في سن الـ 7 أو 8 أعوام من عُمره القضائي، بعد انضمامه للعمل بين النيابة والقضاء.

تلك الأبعاد، وغيرها، تتطلب النظر إليها، لأهميتها، وأثرها على واقع القضاء وعلى جودة العمل القضائي، بما ينعكس على منظومة العدالة.

back to top