عن اللقافة

نشر في 16-04-2025
آخر تحديث 15-04-2025 | 19:06
 عبداللطيف الدعيج

هناك ظاهرة ملحوظة تنتشر دائماً مع تدني مستوى الرقابة الشعبية، وضعف المحاسبة العامة. وزادت لدينا عند غياب مجلس الأمة، وعند تدني مستوى الحرية في النقد والتصحيح، وهي ظاهرة حرص صغار المسؤولين أو الموظفين على احتساب الإنجازات، وأي تقدم يتحقق في إداراتهم، أو أي تحسن في خدماتهم، حرص هؤلاء الصغار على إرجاع ذلك دائماً إلى حكمة وبصيرة بل وتوجيه «مباشر» من قبل المسؤولين الكبار أو الأكبر منصباً.

الصغار هنا مديرون أو وكلاء أو حتى وزراء ومسؤولو إدارات عليا. والكبار هم بالطبع الوزراء والحكومة، وبعض المتزلفين يصر على إقحام ولي العهد، بل حتى أمير البلاد، في الأمر.

أي أنه في حالة افتتاح مؤسسة جديدة أو حصول دائرة حكومية على تقدير أو جائزة عابرة من بعض الجهات الخارجية، التي تدعي أنها تُقيّم حيادياً أداء مؤسسات وهيئات معينة، فإننا نستمع إلى خطيب تلك الهيئة أو المؤسسة وهو يعلن «تجيير» هذا الإنجاز الحقيقي، أو حتى المزعوم، لمعالي الوزير أو الحكومة أو الذهاب بعيداً وإقحام ولي العهد وأمير البلاد في الموضوع، على الرغم من عدم جواز إقحام سموهما في مثل هذه الأمور قانوناً.

قد يكون النجاح الذي حققته المؤسسة أو التقدير الذي تلقته الدائرة رياضياً أو ثقافياً أو علمياً أو فنياً أيضاً، قد يكون أياً من هذا وأغرب... لكن هذا لا يهم... ولا يعني شيئاً فستبقى توجيهات المسؤول الأكبر وحكمته هي التي لها الفضل كما يزعم الخطيب في العادة في الإنجاز العظيم. وستبقى الحكومة دائماً على قولة المصريين «بتاع كله»، أو كما يقول الإنكليز «a jack of all trades».

خطورة مثل هذه الظاهرة ليست فقط في نشر التزلف والنفاق في المجتمع، فهذا موجود ويعبر عنه في مجتمعاتنا المتخلفة حضارياً وسياسياً وإدارياً بشكل عادي بل ومطلوب مع الأسف. لكن خطورتها الحقيقية هي في كبت الإبداع وقتل المنافسة بين «المنتجين الحقيقيين»، حيث يقل الإبداع وتنعدم المنافسة، بل يتوقف الاجتهاد وحتى العمل، فالموظف أو العامل والفني الذي يتميز بأداء عال وقدرات ربما خارقة سيكون مضطراً إلى كبت هذه القدرات، أو على الأقل عدم إفساح المجال أمامها طالما أن الفضل أو الإنجاز سوف يُنسب إلى غيره.

back to top