الصيدليات والعمالة الوافدة؟!
لعشرات السنين لم نرَ صيدلانياً كويتياً واحداً بالصيدليات التجارية رغم انتشارها بشكل واسع في المناطق السكنية والاستثمارية والتجارية، فهل ذلك بسبب تضمين أو تأجير الكويتيين لرخص صيدلياتهم؟! وكيف يمكن حدوث ذلك رغم مخالفته للقرار الوزاري 93/2003 بالبند السادس، المادة (17) المعدلة والتي تنص على إلغاء الترخيص في حال «قام صاحب الترخيص بتأجيره للغير أو استثمر أو ضمّن الصيدلية محل ترخيصه أو إذا ثبت أن الصيدلية لا تدار لحسابه»، علماً بأنه «لا يجوز الترخيص بفتح الصيدليات الخاصة إلا للصيادلة الكويتيين المرخص لهم بمزاولة المهنة...» طبقاً لقانون 28/1996 بشأن تنظيم مهنة الصيدلة، وحتى عندما تم السماح للجمعيات التعاونية بفتح الصيدليات بالقانون 30/2016 اشترط أن يكون الترخيص باسم صيدلاني كويتي، غير أننا لم نجد صيدلانياً كويتياً واحداً بأي جمعية تعاونية، بل مكتظة بالوافدين!
وقد كشف صيدلانيون عدم تعاون الجمعيات التعاونية معهم ووجود عوائق مادية تمنعهم من المنافسة وإنشاء صيدلية تجارية وتحقيق أرباح. وقد أرجعت عضوة بالجمعية الصيدلية منذ خمسة أعوام هذا الفشل لسيطرة الوافدين على القطاع الأهلي، مما يجعلنا نعتقد أن أغلبية أكثر من أربعمئة صيدلي، أو ربما جميعهم، يؤجرون رخصهم لعدم قدرتهم على المنافسة.
استراتيجية الجمعية الصيدلية الكويتية حتى 2026 أشار فيها المتحدثون، بكلام إنشائي نتمنى تحقيقه، إلى تنفيذ الخطة وأهداف الاستثمار بالأفراد بما يتماشى مع سوق العمل بالنسبة للصيدلانيين العاملين بالحكومة، ولكننا توقفنا عند جزء من الاستراتيجية لتعلقه «بخطة لتغيير وتجديد الصيدليات بالقطاع الأهلي وضمها للمنظومة الصحية كي تقدم خدمة أفضل». وحتى هذه الجملة كان العرض مفهوماً إلى أن حاولوا شرح كيفية «تخصيص عيادات الصيدليات الخارجية كي تخفف العبء المالي، وبالتالي خلق منظومة صحية أفضل، وخلق فرص وظيفية أفضل للصيادلة بالقطاع الخاص»، وليت الجمعية تشرح معنى هذه الفقرة التي بين قوسين، والتي إذا ما فهمنا شيئاً منها يمكن تطبيقه بوجود نظام «عافية» الله لا يعوده لسرقته للمال العام.
إن فهمنا البسيط للصيدليات الخاصة هو حسب القانون وقرار 723/2002 الذي يشترط تولي الصيدلي الكويتي صاحب الترخيص إدارة الصيدلية بنفسه ولا يعهد بإدارتها للغير، وله الاستعانة بفنيين صيادلة ولكن تحت إشرافه في كل ما يقومون به من أعمال!! وهو ما لا نشاهده على أرض الواقع وحتى نتحقق من ذلك قبل كتابة المقال عملنا جولة مع السائق ببعض صيدليات حولي والسالمية والفروانية وصباح السالم الاستثمارية، فلم نجد صيدلانياً كويتياً واحداً بل شاهدنا جالية عربية تدير هذه الصيدليات وبعضها تبدو كتجارة عائلية لأسر أفرادها تتشابه وجوههم أحياناً!
لقد صرح رئيس الجمعية منذ ستة أعوام بوجود ما يفوق 500 صيدلية يعمل بها نحو 2500 موظف وهو برأينا عدد كبير إذا تم توزيعه بالتساوي، خمسة لكل صيدلية، وأغلبيتها صغيرة الحجم، أما الوزارة فصرحت العام الماضي بعدم تجاوزها لعدد 600 صيدلية!
إننا نعتقد أن وجود عمالة فائضة بالصيدليات الخاصة سيحولها منفذاً لدخول الوافدين وسيطرتهم عليها بعد استئجار رخصها مما يفسر اختفاء الصيدلي الكويتي منها، وهي مخالفة صريحة للقانون توجب على الوزارة إحكام الرقابة للتأكد من تواجد الصيدلي الكويتي بالكويت عبر إشعار سنوي من المنافذ وفرض كاميرات لإحكام الرقابة الأمنية وللتأكد من تواجده بالصيدلية وغل يد الوافدين حتى لا تكون عرضة للغش وغسل الأموال، كما يمكن فرض ضمان مالي مليون دينار أو أكثر كما فرض على محلات الصرافة، ودراسة تحويلها لشركات مسؤولية محدودة أو مساهمة لتتكاتف جهود الصيادلة الكويتيين تجارياً بعيداً عن سيطرة العمالة الوافدة.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.