من رسم خريطة الجينوم البشري إلى دم مصنوع في المختبر .. 2022 عام الاكتشافات الطبية

نشر في 28-12-2022 | 18:34
آخر تحديث 28-12-2022 | 18:51
غرفة عمليات - أرشيف
غرفة عمليات - أرشيف
شهد العام 2022 تطورات طبية مثيرة للإعجاب، ودافعة للأمل في المستقبل، بعد أن أدى وباء كوفيد-19 إلى تركيز أغلب الجهود العلمية لمكافحة الوباء لما يقرب من عامين.

وكان لدى العلماء والباحثين متسع من الوقت لاستئناف المشاريع التي أجبروا على تأجيلها في أعقاب تفشي فيروس كورونا المستجد.

ومع التقدم التكنولوجي يأتي التقدم في مجال الرعاية الصحية أيضاً بعد أن سجلت السنوات الماضية اختراقات كبيرة في علاج الأمراض واكتشافها بطرق لم نكن قادرين عليها من قبل.

وفيما يلي أبرز الإنجازات في الحقل الطبي بالولايات المتحدة والعالم خلال عام 2022:

قلب خنزير لدى إنسان

في أول عملية من نوعها، نجح جراحون أميركيون في زراعة قلب خنزير معدل وراثياً في مريض بشري، حسب ما أعلنت جامعة ميريلاند.

وأوضحت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيان أن العملية الجراحية التي أجريت خلال شهر يناير، أثبتت لأول مرة أن قلب حيوان يمكن أن يعيش في جسم إنسان دون رفض فوري.

وفي العملية التي استغرقت 9 ساعات، استبدل الأطباء قلب رجل يدعى، ديفيد بينيت، بقلب خنزير وزنه 240 رطلاً تم تعديله جينياً وتهيئته خصيصاً لهذا الغرض.

وعلى الرغم من وفاة بينيت بعد شهرين من العملية إلا أن الأطباء اعتبروا ذلك التدخل الجراحي ناجحاً.

وشهد العالم سابقاً تجارب على عمليات زرع لأعضاء حيوانية في جسم بشري، غير أن المرضى كانوا يموتون على الفور.

وكان بينيت مرشحاً لهذه التجربة الجديدة فقط لأنه كان يواجه موتاً محققاً - وغير مؤهل لعملية زراعة قلب بشري، وكان طريح الفراش وعلى أجهزة الإبقاء على قيد الحياة.

أول علاج للتصلب الجانبي الضموري

صرحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في سبتمبر أول عقار لعلاج المرضى الذين يعانون من التصلب الجانبي الضموري (ALS).

وأعلنت الهيئة الفدرالية الأميركية في بيان عن عقار «ريليفريو» بعد نجاحه خلال التجارب السريرية في إبطاء تدهور حالات المصابين بالمرض القاتل.

ويمكن تناول «ريليفريو» عن طريق الفم عبر أقراص، كما يُمنح أيضاً على شكل سائل عبر الوريد.

وقال مدير مكتب علم الأعصاب بمركز تقييم الأدوية والبحوث التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، بيلي دن، في بيان، «توفر هذه الموافقة خياراً علاجياً مهماً آخر لمرض التصلب الجانبي الضموري، وهو مرض يهدد الحياة ولا يوجد له علاج حالياً».

وأضاف «تظل إدارة الغذاء والدواء الأميركية ملتزمة بتسهيل تطوير علاجات إضافية لمرض التصلب الجانبي الضموري».

ويُعد التصلب الجانبي الضموري مرضاً متقدماً في الجهاز العصبي، حيث يؤثر على الخلايا العصبية في المخ والحبل النخاعي مسبباً فقدان التحكم في العضلات، بحسب «مايو كلينيك».

وتبدأ الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري عادة في اليدين أو القدمين أو الأطراف، ثم تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ومع تفاقم حدة المرض وتدمير الخلايا العصبية، تضعف العضلات. ويُؤثر هذا في النهاية على المضغ والبلع والتحدث والتنفس.

مليون عملية زراعة أعضاء ناجحة

في سبتمبر لعام 2022، احتفلت الولايات المتحدة بوصول عمليات زرع الأعضاء البشرية الصلبة داخل البلاد إلى مليون عملية ناجحة عبر التاريخ الحديث.

وبحسب موقع «يو إس أيه توداي» الإخباري، كانت أول عملية زرع أعضاء في الولايات المتحدة عام 1954 عندما تلقى، ريتشارد هيريك، 23 عاماً، كلية من توأمه رونالد.

وفي عام 2021، تم زرع أكثر من 40 ألف عضو بشري في الولايات المتحدة، بمعدل أكثر من 100 عضو يومياً، بحسب الشبكة الأميركية

وبهذه الوتيرة، سيستغرق الأمر 25 عاماً فقط - وربما أقل بسبب الابتكارات الطبية قيد التطوير – لوصول عمليات زرع الأعضاء لمليون عملية أخرى، كما قال ديفيد كلاسين، كبير المسؤولين الطبيين في الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء هي منظمة علمية وتعليمية غير ربحية.

ولادة توأم من أجنة مجمدة قبل 30 عاماً

في 31 أكتوبر، شهدت ولاية أوريغون الأميركية ولادة توأمين من أجنة مجمدة منذ 30 عاماً، وفقاً للمركز الوطني للتبرع بالأجنة، وهي مؤسسة لا تهدف للربح تعني بتخزين الأجنة المجمدة التي استغنى عنها أصحابها.

ووُلِدَ التوأم من أجنة قد تكون أطول أجنة مجمدة تؤدي إلى ولادة حية، بحسب المركز الوطني للتبرع بالأجنة.

وقال والد التوأمين، فيليب ريدجواي، بينما كان هو وزوجته يحتضنان طفليهما حديثي الولادة، ليديا وتيموثي، في أحضانهم في منزلهم خارج بورتلاند بولاية أوريغون، «هناك شيء محير للعقل حول هذا الموضوع».

وأضاف «كنت في الخامسة من عمري عندما وهب الله الحياة ليديا وتيموثي، حيث يُحافظان على تلك الحياة منذ ذلك الحين»، بحسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية.

أول زراعة أمعاء ناجحة في العالم

في أكتوبر، أفادت السلطات الصحية الإسبانية بمنطقة مدريد بخضوع طفلة تبلغ من العمر 13 شهراً لأول عملية زرع أمعاء تُجرى في العالم أُخذت من شخص توقف قلبه عن الانقباض.

وأعلنت السلطات الصحية في بيان أنّ مستشفى لاباز نجح في إجراء «أول عملية زرع أمعاء في العالم بعدما تبرّع بهذا العضو شخص توقف قلبه عن الانقباض».

وأوضحت السلطات أنّ الطفلة إيمّا «خرجت من المستشفى وموجودة حالياً في منزلها مع والديها أنّا ودانيال وهي في حال ممتازة»، بحسب فرانس برس.

ويجري التبرع بأعضاء المرضى الذين تتوقف قلوبهم بعد وفاتهم.



وأوردت السلطات أنّ هذه التقنية تتيح «بعد الحصول على شهادة وفاة الشخص، الاحتفاظ بالأعضاء من طريق ضخ الدم الممزوج بالأكسجين فيها».

وأكدت أنّ هذه التقنية «لم تُستخدم قبل اليوم مطلقاً للأمعاء باعتبار أنها غير مناسبة لها، رغم وفاة 30 بالمئة من المرضى المُدرجة أسماؤهم على قائمة الانتظار».

دم مصنوع في المختبر

بدأ باحثون في بريطانيا خلال الشهر الماضي في تجربة سريرية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم وتتمثل في منح البشر دم صناعي.

وتلقى مريضان في المملكة المتحدة جرعات صغيرة جداً – تعادل ملعقتين - من الدم المزروع في المختبر خلال المرحلة الأولى من تجربة أوسع تهدف إلى معرفة كيف أداء هذا الدم المصنوع مختبرياً داخل جسم الإنسان، بحسب شبكة «سي إن بي سي».

ويقول الباحثون إن الهدف ليس استبدال التبرع بالدم البشري المنتظم، والذي سيستمر خلال عمليات نقل الدم الاعتيادية التي تعتمد على المتبرعين.

لكن التجربة الجديدة يمكن أن تسمح للعلماء بتصنيع أنواع نادرة جداً من الدم يصعب الحصول عليها، ولكنها ضرورية للأشخاص الذين يعتمدون على عمليات نقل الدم المنتظمة في حالات مثل فقر الدم المنجلي.

وقال الدكتور فاروق شاه، المدير الطبي لنقل الدم في وحدة نقل الدم وزراعة الأعضاء التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، وهو أحد المتعاونين في المشروع، «يضع هذا البحث الرائد عالمياً الأساس لتصنيع خلايا الدم الحمراء التي يمكن استخدامها بأمان لنقل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مثل الخلايا المنجلية».

وفقر الدم المنجلي هو اضطراب ينتمي إلى مجموعة من الاضطرابات تُعرف باسم مرض الخلايا المنجلية.

وتؤثر هذه الحالة في شكل خلايا الدم الحمراء التي تحمل الأكسجين إلى كل أجزاء الجسم، بحسب «مايو كلينيك».

ولا يوجد علاج شاف لأغلب المصابين بفقر الدم المنجلي، ولكن بعض العلاجات قد تخفف الآلام المبرحة وتُساعد في الوقاية من المضاعفات المصاحبة للمرض.

تأخير مرض السكري من النوع الأول

في نوفمبر، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على جسم مضاد أحادي النسيلة، يُدعى «تيبليزوماب»، يمكن أن يؤخر ظهور مرض السكري من النوع الأول لسنوات.

وتحت علامة تجارية تحمل اسم "TZIELD"، يكون العلاج عبارة عن سائل وريدي يمنح المصابين بداء السكري – 8 سنوات فما فوق - من النوع الثاني لمدة 14 يوماً.

على الرغم من أن خبراء الصحة أطلقوا على العلاج اسم «تغيير قواعد اللعبة»، إلا أنه باهظ الثمن.

وتبلغ تكلفة هذا الدواء 13850 دولاراً أميركياً للقارورة بإجمالي 193 ألف دولار على مدار 14 يوماً من العلاج، بحسب موقع «يو إس أيه توداي».

وقال مدير قسم السكري واضطرابات الدهون والسمنة بمركز تقييم الأدوية والأبحاث التابع لإدارة الغذاء والدواء، جون شاريتس، في بيان، «تُضيف الموافقة اليوم على علاج من الدرجة الأولى خياراً علاجياً جديداً مهماً لبعض المرضى المعرضين للخطر».

وأضاف «أن قدرة الدواء على تأخير التشخيص السريري لمرض السكري من النوع 1 قد توفر للمرضى شهوراً إلى سنوات دون حمل عبء المرض».

البنكرياس الاصطناعي

في أبريل، تم تزويد المئات من البالغين والأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول في إنكلترا ببنكرياس اصطناعي، في أول تجربة على مستوى العالم أجرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.

ويُستخدم الجهاز الرائد خوارزمية لتحديد كمية الأنسولين التي يجب إعطاؤها وقراءة مستويات السكر في الدم للحفاظ على ثباتها، بحسب صحيفة «الغارديان».

وبعد مراقبة كمية الأنسولين المطلوبة، يعمل البنكرياس الاصطناعي الذي يتم ارتداؤه بجوار الجسم، على ضخ هذه الكمية بداخل الجسم دون الحاجة لوخز الاصبع لاختبار نسبة السكر بالدم.

ووجدت التجربة أن التكنولوجيا أكثر فعالية في إدارة مرض السكري من الأجهزة الحالية، لا سيما بين الأطفال الصغار الذين يصعب التنبؤ بما يأكلون أو النشاط البدني الذي يمارسونه.

وقال البروفيسور بارثا كار، مستشار هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية المتخصص في مرض السكري، إن «وجود آلات تراقب وتقدم الأدوية للمرضى يبدو أشبه بالخيال العلمي، ولكن عند التفكير في الأمر، فإن التكنولوجيا والأجهزة هي جزء لا يتجزأ من الطريقة التي نعيش بها حياتنا كل يوم».

رسم خريطة الجينوم البشري

انتهى العلماء أخيراً من رسم خرائط الجينوم البشري بعد أكثر من عقدين من اكتمال المسودة الأولى.

ونشر علماء في الأول من أبريل أول خريطة كاملة للجينوم البشري لتكمل جوانب كانت منقوصة في جهود سابقة.

وقد يعطي هذا الجهد أملاً جديداً في مجال البحث العلمي عن دلائل بخصوص الطفرات والتحورات المسببة للأمراض والتنوع الجيني بين سكان كوكب الأرض.

ومع ذلك، قال الباحثون إن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن يكون هناك عائد ملموس لتلك المعلومات الإضافية، لكن تلك الأجزاء المفقودة سابقاً يمكن أن تقدم رؤى حول التنمية البشرية والشيخوخة والأمراض مثل السرطان، بالإضافة إلى التنوع البشري وأنماط التطور والهجرة عبر عصور ما قبل التاريخ، بحسب موقع «يو إس آيه توداي».

وقال إيفان إيشلر، عالم الوراثة بكلية الطب بجامعة واشنطن الذي ساعد في قيادة البحث، إن رسم خرائط لهذه المادة الجينية يجب أن يُساعد في تفسير كيفية تكيف البشر مع العدوى والأوبئة والنجاة منها، وكيف تزيل أجسامنا السموم، وكيف يستجيب الناس بشكل مختلف للأدوية، وما الذي يجعل الدماغ بشرياً مميزاً.

الذكاء الاصطناعي

يُعد الذكاء الاصطناعي أحد أكثر التقنيات الجديدة إثارة والتي غيرت مشهد الرعاية الصحية في عام 2022، بحسب شركة «بروكلينيكال» المتخصصة في البحوث والصناعات الطبية.

ويثبت الذكاء الاصطناعي أنه مفيد للغاية عندما يتعلق الأمر بالاكتشاف المبكر للأمراض ولتأكيد التشخيص الدقيق بشكل أسرع. فعلى سبيل المثال، في مرض سرطان الثدي لدى النساء، يتيح استخدام الذكاء الاصطناعي إمكانية مراجعة صور الثدي الشعاعية لتكون أسرع 30 مرة وبدقة تصل لـ 99 بالمئة، مما يقلل الحاجة إلى الخزعات غير الضرورية.

ويطبق الذكاء الاصطناعي أيضاً للإشراف على أمراض القلب في مراحله المبكرة، مما يسمح لمقدمي الرعاية الصحية باكتشاف المشكلات التي قد تهدد الحياة في وقت مبكر وفي مراحل أكثر قابلية للعلاج.

بالإضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء على إنشاء برامج علاج أكثر شمولاً، مما يسمح للمرضى بإدارة حالاتهم بشكل أكثر فعالية.

ويُعد البحث عن الأدوية واكتشافها أحد أحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي في علوم الحياة، حيث إن هذه التقنية قادرة على تبسيط عمليات اكتشاف الأدوية من خلال إيجاد طرق أكثر فاعلية لاكتشاف الأدوية وإعادة توظيفها، مما يقلل بشكل كبير من الوقت الذي يستغرقه تسويق دواء جديد وتقليل التكاليف المرتبطة به.

back to top