صديقتنا كندا... تستحق أفضل من هذا
في مؤتمر صحافي بأوتاوا، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، تعليقاً على أزمة الرسوم الأميركية: «الرئيس ترامب انتهك الاتفاقات التجارية القائمة، بفرضه تعريفات غير مبررة على كندا. سنرد بقوة. لا شيء خارج الطاولة». لكن أكثر ما علق في ذهني، قوله: «العلاقة القديمة التي كانت تربطنا بالولايات المتحدة... انتهت». تلك الكلمات لم تكن فقط تصريحاً، بل نهاية حقبة، وكانت حقبة جيدة.
منذ تنصيب ترامب، تعامل البيت الأبيض مع كندا (وغيرها، لكن فلنبقَ مع كندا) بعدم احترام. من الخطابات التي وصف فيها رئيس وزرائها بـ «الحاكم»، إلى اقتراح أن تصبح الولاية 51. لكن القضية ليست فقط دبلوماسية... إنها شخصية، شعبية، وجدانية.
الدول بحاجة إلى حلفاء، شركاء يصغون ويهتمون. لكن أيضاً، الشعوب بحاجة إلى مَنْ تثق بهم وتحبهم. وكندا كانت دوماً تلك الأمة الصديقة، القريبة، الشريكة في اللغة والمصير.
أتذكَّر يناير 1980. خلال أزمة الرهائن في إيران، أخفى السفير الكندي كين تايلور دبلوماسيين أميركيين في منزله، مُتحدياً الخطر. المسؤول الكندي جون شيرداون رد على طلبهم بالمأوى: «بالطبع. اعتمدوا علينا». بعد ذلك، منح الكونغرس الأميركي تايلور ميدالية ذهبية، تبدأ بكلمة «Entre amis»- (بين الأصدقاء).
نعم، نشاركهم الحرب والسلام. في نورماندي 1944، اقتحمت القوات الكندية شاطئ جونو إلى جانب الأميركيين. خسروا كثيراً، لكنهم صمدوا. قصص بطولتهم تستحق أن تُروى مثل قصصنا. تقول إن ذلك كان قديماً؟ ربما، لكنه في جيناتهم... وفي جيناتنا.
هل سياساتهم التجارية مُنصفة دائماً؟ ربما لا. لكن في الصداقات، الحساب ليس دقيقاً دائماً. مَنْ يملك أكثر، يدفع أحياناً، لأنه يعرف أن العلاقة أثمن من الفاتورة.
الرسوم الجمركية نوع من الحرب، ويجب أن تُفرض بكرامة، إن فُرضت، لا بإهانة.
ما الجدوى من التنفير؟ نحن في زمن هش، نعتمد على الأنظمة المعقدة، ونحتاج جيراناً نثق بهم. في حال تعطُّل شيء ما، الشبكات، الكهرباء، النظام، مَنْ سيكون أول مَنْ نلجأ إليه؟ كندا.
نحن لا نقرب أصدقاءنا، ولا نُبعد أعداءنا. نسير عكس ما علَّمنا التاريخ. وفي هذا، نُضعف أنفسنا.
أختم بما قاله رونالد ريغان عام 1986 في مأدبة عشاء مع رئيس الوزراء الكندي براين مولروني: «العلاقة بين كندا وأميركا كنز». ورد مولروني: «لسنا فقط أصدقاء، بل عائلة».
العلاقة مثل العادة: تُبنى ببطء، وتُهدم بسهولة. من الحُمق أن نهدم ما بنيناه عبر قرن كامل من الصداقة.
وفي زمن يبدو فيه العالم كحرب عصابات، نحن نبتعد عن الحلفاء، ونبدو أقل شبهاً بـ «العرَّاب»، وأكثر شبهاً بـ «فريدو».
* بيغي نونان