بدون مجاملة: العرب أمة استثنائية

نشر في 11-04-2025
آخر تحديث 10-04-2025 | 21:46
 سارة صالح الراشد

على كوكب الأرض... كوكب الحياة، سادت أمم، ثم بادت، وازدهرت حضارات، ثم ولَّت، امتدت الشعوب، وارتحلت القبائل واستقرت، ومازالت الأمم ترتفع وتنخفض.

لأمة العرب تاريخ زاخر طويل، وحقب، وثقافة، وفن، تميَّزت عن سائر الأمم حتى هذا اليوم، ولها نصيب وافر من الجمال والتفرُّد والجاذبية.

العرب قوم تسهل عِشرتهم وتطيب، يتميزون بالعفوية، وبروح دعابة واضحة. وبرأيي، لم يتعايش عرق -على مر التاريخ- مع اليهود بقدر ما تعايش معهم العرب.

امتزجوا مع العجم، ارتحلوا إلى الهند شرقاً، وسواحل إفريقيا غرباً. عبروا الصحراء، وركبوا البحر.

تواجهوا مع الحياة، ومارسوها بتناقضاتها، وكيف يكون العربي ذاك الفارس الصنديد وهو يخوض ساحة الوغى عاشقاً مُتيماً يتغزل في محبوبته تارةً، ثم يبكي على الأطلال تارةً أخرى.

شبه الجزيرة العربية مهبط الوحي، بل الرسالات السماوية كلها! فهي أرض ذات معزَّة وقدسية، ومطامع! كالحملات الصليبية. قد يظن أي شخص أن المسيحيين العرب رحبوا بها وسارعوا بالتحالف مع أبناء عقيدتهم للسيطرة على بلدانهم حتى يسود الحُكم المسيحي. إلا أن المسيحيين العرب قدَّموا الانتماء ورابطة الدم، فقاوموا إلى جانب المسلمين (المُستَعمِر)، الذي جاء يسلبهم أرضهم، ويشوِّه ثقافتهم، ودوَّنت كُتب التاريخ الاضطهاد من قِبل الصليبيين لمسيحيي بلاد الشام، كما أنهم منعوا أقباط مصر من زيارة بيت المقدس.

وتروي المراجع -الإسلامية والمسيحية- على حدٍّ سواء، قصصاً تؤكد الثقة المُتبادلة بين أتباع الديانتين في التصدي للقوى الصليبية المُستبدة الطامعة، فقد عاشوا زمناً كمجتمع مستقر كلٌّ يمارس شعائره بسلام وأمان.

العدوان الصهيوني على غزة لم يفرِّق مُطلقاً بين المسلم والمسيحي، فقصف المساجد والكنائس تباعاً، لأن هذه الحرب إبادة عرقية صرفة، فهؤلاء يروننا قوماً غير جديرين بالحياة!

إن الخلل والنقص يجتاحان كل الأمم، وعلى مر التاريخ. الكيد والفساد وجدا بأشكال مختلفة باختلاف العصور، فلم المبالغة والتصيُّد والجدل ونشر المغالطات؟

ما يحصل بين أبناء العرب اليوم من جلدٍ للذات، والتخوين والتعميم الظالم والإحباط، ليس إلا لغاية شق الصفوف، وإضعاف النفوس في التعصب والتشكيك، وبث روح الكراهية والتحامل، فهذا جهل ممتد وعدوان أشد، مُتناسين روابطنا الرائعة... اللهجة المصرية لهجة كل العرب! وكم أجد التعجب والإعجاب على وجوه الجاليات الأخرى في انسيابية الحوار بين العرب جميعاً، اللبناني والسوداني، يتحاوران يضحكان، أحدهما في الشمال، والآخر في الجنوب، ومن قارتين مختلفتين! كل واحد منهما لديه زيه الشعبي، أهازيجه، مذهبه، مائدته... واللسان عربي!

ومن فصاحة اللغة وسحرها وعُمقها... الشعر والسجع، ثم تتشعَّب هذه اللغة الفاتنة الثرية في مفردات تتعدَّد بين اللهجات، لتعكس ثقافة الكرم والترحاب (ما يصير خاطرك إلا طيب/ تكرم عينك/ ربنا يسلمك...)

كيف يمكن لأمة تمتلك هذا القدر من المزايا أن تتخاصم؟! وكيف نسمح لأعدائنا بالتفريق بيننا؟!

«بلاد العرب أوطاني... وكل العرب إخواني».

back to top