عن الاغتراب البيئي... استزراع الروبيان بمنظور اجتماعي وغزة العزة!

نشر في 11-04-2025
آخر تحديث 10-04-2025 | 20:52
 د. سلطان ماجد السالم

يتكوَّن الأمن الغذائي من عدة عناصر، يشكِّل كلٌّ منها ضِلعاً أساسياً بالمنظومة التي تؤهل مجتمع ما للاكتفاء من القيم التغذوية والسلع الأساسية بالأسواق.

وبطبيعة الحال، فإنه من المهم أن يكون الاكتفاء هذا لتحقيق أهداف وتوازن في السلع ذات القيمة الغذائية العالية لفترات زمنية طويلة، بما فيها من محاصيل وأدوات أساسية، حتى إذا ما أدخلنا عنصر الأدوية لها كذلك، فتصبح ذات معنى ومغزى عالٍ جداً.

في الكويت، وعلى مدى فترات طويلة، عملت لجان وهيئات ومشاريع حكومية ومبادرات شخصية أيضاً لتحقيق عناصر متعددة فيما يتصل بالأمن الغذائي. كذلك، وعلى مدى سنوات، ونحن نكتب في هذا الخصوص، ونحاول أن ننبِّه المعنيين بجوانب عدة حول المسألة.

المهم والأهم أننا لم نرَ إلى هذه اللحظة مبادرة متخصصة تُعنى بعنصر أساسي لهذه المنظومة، رغم توافر وتراكم الخبرات المحلية فيها، ألا وهي استزراع الروبيان، وتحديداً استزراعه على اليابسة بأحواض متخصصة ذات مغزى وهدف محدَّد، كما هو الحال في الاستزراع السمكي inland aquaculture.

بالطبع، أنا لا أقصد في هذا الموضع نجاح وتمويل تجربة هنا أو مشروع تجاري هناك، بل وبالأحرى أتكلم عن مجمَّعات تخصصية ذات هدف واضح ومحدَّد تكون على شكل المبادرات التي تُعنى بها حكومات المنطقة العربية والغربية والآسيوية بشكل عام. وهنا يأتي دور عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية في التعاون على هذا المغزى والهدف، والذي سمعنا أنه سيتحقق منذ زمن بعيد، وإلى الآن لم نرَ توجهاً حكومياً حقيقياً في تبني مشروع مجمَّع متكامل لهذا الغرض خصيصاً.

وبهذه المناسبة وجب التوقف عند أمر مهم، هو جواب السؤال التالي: لم استزراع الروبيان وليس الأسماك بالدرجة الأولى؟! طبعاً الجواب ذو أكثر من وجه يتلخص في القيمة السلعية والنوعية والطلب الخارجي، كما أنه لا يغفل أحد أهمية استزراع الأسماك، وما سيؤدي ذات الأمر لانخفاض بالأسعار ووفرة بالمنتج.

استهلكت الكويت عام 2023 أسماكاً بقيمة 6.7 ملايين دينار، بوزن يقدَّر بـ 2.8 طن، وصولاً إلى مبيعات للربيان في ذات العام تقدَّر بمليون كيلوغرام. هي أرقام كبيرة سيسهم الاستزراع في دعم توافر منتجاتها بالأسواق المحلية، وتقليل قيمة العرض كذلك، مع ملحوظة في إعداد دراسات تخصصية للآثار البيئية والاقتصادية، وعدم إغفال الجانب الاجتماعي كذلك.

أما وفق الأرقام العالمية، فإن الاستزراع السمكي تنامى ما بين عامَي 1990 و2020 بإجمالي ما بين 21.8 و87.5 مليون طن، منها ما يفوق السبعة آلاف طن كحصة للربيان تحديداً.

هذه الأرقام، وبالذات تلك المتعلقة بالاستزراع، يمكن لنا أن نستنبط منها الاستهلاك العالمي، وقيمته السوقية، وكم هي فعلاً ذات منفعة كبيرة على كل الأطراف.

كما تشير دراسة مرجعية من جامعة غلاسكو الاسكتلندية إلى أنه علاوة على استيفاء أحد أهم أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر في الاستدامة (الوصول إلى صفر جوع)، فإنه لابد من الجمع ما بين العوامل والآثار الاجتماعية لاستزراع الأسماك مع بقية العناصر البيئية والفنية.

وهنا يُطرح السؤال الأزلي عن مدى تقبُّل المستهلكين للمنتجات تلك، وعادة ما يكون الأمر إيجابياً إذا ما كان مدعوماً مالياً، وبأسعار تنافس حقاً. وعليه، فإنه لابد أن يكون للأمر نظرة جدية في قادم الأيام على المستوى المحلي، ودخول كميات كبيرة للأسواق من خلال الاستزراع. هذا بالطبع إن كُنا فاعلين!

على الهامش: استوقفني تعليق على تغريدة في منصة X فحواه أنه في غضون عطلة العيد الأخيرة كان للوافدين نصيب الأسد في استغلال المرافق العامة دون المواطنين، وهو أمر غير مقبول.

لا أعلم من أين أبدأ في تحليل وتفكيك هذا التفكير المُختل، لكن باختصار شديد، ومن دون الدخول في عفن العنصرية لدى البعض، لكل الجاليات الموجودة على هذه الأرض كل الحقوق والحُريات والواجبات بالتمتع بكل ما يتمتع به المواطن، فهم شركاء في نهضة المجتمع، ولهم كل الاختيار في كيفية قضاء إجازاتهم ما دام القانون ينظم وجودهم. لنرتقِ بالتفكير قليلاً، لعل الله يعيننا على أنفسنا.

هامش أخير: اللهم غزة، وأهل فلسطين، وإليك المُشتكى.

back to top