بزشكيان: منفتحون على استثمارات واشنطن ومستعدون لـ «ألف تفتيش»
• إيران تتمسك بالمفاوضات غير المباشرة وويتكوف يهدد بنسف اجتماع مسقط
قبل يومين من موعد انطلاق المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية التي تستضيفها سلطنة عمان بعد غد (السبت) بهدف التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بشأن الخلافات بين الجانبين لتفادي وقوع صدام مسلح يهدد بأمن المنطقة برمتها، سعى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى تهدئة المخاوف الأميركية بشأن أنشطة بلده النووية المثيرة للقلق، مؤكداً أن طهران لا تمانع الخضوع لعمليات تفتيش وتحقق مضاعفة 10 مرات، لكنه أكد في الوقت نفسه تمسكها بالأبحاث العلمية والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
وقال بزشكيان، أمس، في مراسم اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية، إن بلاده لا تسعى إلى امتلاك قنبلة ذرية، ولن تسعى إليها في المستقبل.
وأضاف: «يروّجون باستمرار لضرورة التحقّق والتفتيش، لقد قمتم بالتحقّق 100 مرة، فليكن 1000 مرة أيضاً، لكننا بحاجة إلى العلم النووي وإلى الطاقة النووية».
وأوضح أن «وزير الخارجية عباس عراقجي، سيُجري حواراً غير مباشر مع ممثلي الولايات المتحدة في عُمان، استناداً إلى التوصيات والتوجيهات الصادرة عن المرشد علي خامنئي».
وأشار إلى سياسة حكومته الاقتصادية تجاه الاستثمارات الأجنبية قائلاً: «لقد أعلنّا بوضوح، في أكثر من مناسبة أنه لا يوجد أي اعتراض على الاستثمارات المشروعة حتى من المستثمرين الأميركيين في البلاد».
وفي معرض دفاعه عن أنشطة بلده العسكرية التي تشمل برنامجاً متطوراً لإنتاج الصواريخ البالستية بعيدة المدى ترى بها الدول الأوروبية وإسرائيل مصدراً للتهديد، أكد الرئيس الإيراني أن بلاده تسعى دائماً للحفاظ على علاقات سلمية ومتوازنة مع الدول الأخرى، لكن الدولة العبرية «تواصل اليوم، دون أي مراعاة للإنسانية أو احترام للقوانين الدولية، ارتكاب المجازر بحق النساء والأطفال والشيوخ والشباب».
وتابع: «إذا دافعنا عن أنفسنا، اتهمونا، وإذا بقينا بلا دفاع، فلن يقدموا لنا أي دعم، بل سيفعلون بنا نفس ما يفعلونه اليوم بالشعوب البريئة في غزة ولبنان وسورية».
وحذر في ختام حديثه من التدخلات الخارجية: «ما لا يمكن قبوله هو المؤامرات، والإطاحة بالأنظمة، والسياسات التخريبية والتدخلية، إيران ليست مكاناً للمؤامرات ولن تكون كذلك».
وأتى حديث بزشكيان عن التمسك بالحق في الصناعات الدفاعية والأنشطة الذرية السلمية مع عدم التحسس تجاه زيادة عمليات التفتيش الدولية للمنشآت الإيرانية وقبول الاستثمارات الأميركية، غداة كشف مصدر مطلع لـ«الجريدة»، أن الجانبين اتفقا على أن تشمل بنود المفاوضات المرتقبة تعهد طهران بفتح قطاعات النفط والغاز والنقل والاتصالات والطاقة، إضافة إلى استخراج المعادن النادرة والحيوية، خصوصاً الليثيوم، أمام المستثمرين الأميركيين.
خطوط إيرانية
في هذه الأثناء وضع وزير الخارجية الإيراني، الذي سيقود فريق بلده التفاوضي في مسقط، خطوطاً عريضة للتفاوض، إذ أكد أن طهران لا تقبل الدخول في أي اتفاق جديد إلا مقابل رفع العقوبات بشكل فعلي، مؤكداً التزام بلاده بالشفافية في برنامجها النووي ضمن حدود الاتفاق النووي السابق.
واعتبر أن الجولة المقبلة من المفاوضات تُعد فرصة جديدة لمسار الدبلوماسية، واختباراً حقيقيّاً لقياس مدى جدية واشنطن، محذراً من أن التجارب السابقة أظهرت انعدام الثقة بسبب سجل أميركا في التنصل من الالتزامات.
وأضاف أن ملف البرنامج النووي الإيراني سيشكل المحور الوحيد في هذه المفاوضات، مشيراً إلى أن الغاية هي ضمان الشفافية وطمأنة المجتمع الدولي حول الطابع السلمي للبرنامج، مقابل رفع «العقوبات الظالمة» المفروضة على طهران من واشنطن.
وشدد على أن إيران لا تطالب بأكثر من حقوقها المنصوص عليها في اتفاق عام 2015، لكنها في الوقت ذاته لن تقبل بأي تجاوز على سيادتها أو مصالحها الوطنية.
وأشار عراقجي إلى أن «دعم الجماعات المقاومة في فلسطين ولبنان واجب أخلاقي وقانوني على جميع الدول»، منتقداً بشدة الدعم الأميركي والغربي لـ«الاحتلال الإسرائيلي».
مساعد خامنئي يتحدث عن تخريب إسرائيل لاتفاق سابق بين رئيسي وبايدن... وموسكو تحذر من عدم قانونية أي ضربة عسكرية لطهران
في السياق، ذكر مساعد المرشد محمد مخبر، أن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي وصل في مفاوضات مع إدارة الرئيس السابق جو بايدن بوساطة القوى الأوروبية إلى مرحلة التوقيع على تفاهم يعيد القيود النووية مقابل رفع العقوبات، مرتين في عام 2022 «لكن الإسرائيليين خربوا الأمر».
شاهد وتشكك
في غضون ذلك، شدد إسماعيل كوثري عضو لجنة الأمن القومي، وهو من كبار قادة «الحرس الثوري»، على ضرورة مشاركة طرف ثالث وسيط بالمفاوضات «حتى يكون شاهدا على طرفي المباحثات، ولا يتم تحريف الوقائع أو تزوير الأقوال».
وأضاف كوثري أن بلاده ترفض تماماً منطق التهديد، وحذر قائلاً، «على الأميركيين أن يدركوا جيداً أنهم إذا حاولوا استخدام لغة التهديد، فسنقوم بقطع هذه المفاوضات غير المباشرة فوراً».
وفيما يبدو أنه خلاف بين أروقة النظام الإيراني بشأن طبيعة المباحثات التي يصر ترامب على أن تكون مباشرة لتفادي إضاعة الوقت، رأى الرئيس الايراني الأسبق حسن روحاني خلال لقاء مع أعضاء الحكومة أن المفاوضات المباشرة وعلى مستوى رفيع أكثر فائدة عادة.
في المقابل، نقلت «واشنطن بوست»، عن مسؤولين في إدارة ترامب قولهم، إنه إذا لم تكن المحادثات مباشرة، فقد لا يسافر المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف إلى عُمان فما نحتاجه لتجاوز انعدام الثقة العميق بين الجانبين هو «نقاش شامل» و«لقاءٌ للأفكار». كما أكد المسؤولون استعداد ويتكوف للسفر إلى طهران لإجراء محادثات إذا دُعي.
وفي ظل تشكك عميق وانعدام للثقة بين الجانبين، هدد بيان صادر عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني برد خطير ومدمر على أي تدخل أو تهديد يمس الصناعة الذرية السلمية للجمهورية الإسلامية وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
تهدئة روسية
إلى ذلك، حذر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من أن الوضع بين إيران والولايات المتحدة قد يؤدي إلى زيادة التوترات، رداً على سؤال بشأن تقارير حول وضع خامنئي القوات المسلحة في حالة تأهب قصوى، مؤكداً أنه من الأفضل التركيز على الحوار بين البلدين.
هل نقل «الحرس» صواريخ للميليشيات العراقية؟
كشف تقرير لصحيفة «التايمز» أن «الحرس الثوري» الإيراني نقل الأسبوع الماضي ولأول مرة صواريخ كروز، وأرض - أرض بعيدة المدى، للميليشيات المسلحة في العراق.
ورتب سلاح الجو التابع للحرس الإيراني عملية التسليم، وفقاً لمعلومات استخباراتية حصلت عليها الصحيفة البريطانية.
وأشارت «التايمز»، نقلاً عن مصادرها، إلى أن الصواريخ أرض - أرض الإيرانية التي تم تهريبها إلى العراق يمكن أن تُنشر لاستهداف مناطق تصل إلى أوروبا.
وأفادت بأن نوعين آخرين من الصواريخ قصيرة المدى، هما صاروخا كروز «قدس 351» و«جمال 69» الباليستيان، قد هُرّبا إلى العراق الأسبوع الماضي.
ويتناقض هذا التطور مع تقارير صدرت أخيراً عن مسؤولين عراقيين وقادة كبار، قالوا فيها إن الميليشيات المدعومة من إيران في العراق «مستعدة لنزع سلاحها» لتجنب صراع محتمل مع الولايات المتحدة.