رياح وأوتاد: يا ما في السجن مظاليم

نشر في 10-04-2025
آخر تحديث 09-04-2025 | 18:53
 أحمد يعقوب باقر

نقل د. حامد العجلان، في مقالة الأخير من كتاب القوقعة، نماذج من التعذيب في سجون سورية إبان حكم الأسد، التي كانت بوحشية لا يمكن أن يقدم عليها أي إنسان سويّ إلا من استولت عليه النزعة الحيوانية وانتزعت الرحمة الإنسانية من قلبه وعقله، بل ويعجب القارئ كيف استمرت هذه الممارسات لسنوات إلى أن تغير النظام وفتح النظام الجديد السجون وانكشفت هذه الممارسات أمام العالم بعد أن أُزهقت أرواح آلاف الضحايا.

وأنا أقرأ مقالة الدكتور حامد قفزت إلى ذهني فترة التحول في حكم العزيزة مصر حين تسلم الحكم الرئيس أنور السادات بعد الرئيس جمال عبدالناصر وهي الفترة التي كنت أدرس فيها بالإسكندرية وعايشت أحداثها.

فسرعان ما دب الخلاف بين السادات والمجموعة التي سُميت برؤوس القوى التي أشيع أنها كانت تخطط لإزاحته، إلا أنه كان أسرع منهم فانقلب عليهم فيما سمي بالحركة التصحيحية، وقال في خطابه إنه «سيفرمهم»، وبالفعل بدأ السادات عهداً جديداً، فأخرج آلاف السجناء من الإسلاميين والشيوعيين والقوميين وغيرهم إلا من توفي في السجن مثل شُهدي عطية زعيم الحزب الشيوعي المصري.

وبعد تلك الحركة صرنا نتابع يومياً عبر الراديو تمثيليات وقصص التعذيب في السجون، ونقرأ كتب أشهر المساجين الذين كان منهم مصطفى أمين «مؤسس جريدة أخبار اليوم»، الذي ألف أكثر من كتاب عن سجنه الذي استغرق 9 سنوات، وقال في أحد لقاءاته الصحافية إنه شاهد كثيراً من مناظر التعذيب، إلا أن أقساها كان تعذيب القاضي حسن الهضيبي الذي كان يُجبر على النوم مع الكلاب والاستماع يومياً إلى أغنية «يا جمال يا حبيب الملايين» لأم كلثوم، وحديثه هذا كشف كذبة محمد حسنين هيكل الذي كتب في منتصف الستينيات أن الهضيبي كان سعيداً في السجن ويرقص على أغنية «يا جمال يا حبيب الملايين».

وخرج الهضيبي أيضاً من السجن وأصبح مرشداً للإخوان المسلمين وألف كتابه «دعاة لا قضاة»، الذي اعتُبر رداً على القطبيين.

الحديث عن التعذيب يوصلنا إلى تعذيب أكثر من خمسين ألفاً من الفلسطينيين في سجون الصهاينة قبل السابع من أكتوبر، وكانت آثار التعذيب ظاهرة عليهم عند عملية تبادل الأسرى، أما الأسرى الصهاينة لدى «حماس» فكانوا يتلقون معاملة طيبة أدت إلى قيام إحدى الأسيرات بتقبيل رأس حارسها.

ولا ننسى أيضاً معاناة الأسرى الكويتيين في سجون صدام حسين، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من رجع وآثار الضرب والتعذيب ظاهرة في جسمه، ومنهم المحظوظ الذي لم يصبه إلا الجوع والعطش والحبس لشهور حتى تمت هزيمة نظام البعث شر هزيمة.

هذا وضع بعض بلاد العروبة، للأسف لا تنكشف فظائع السجون فيها إلا بعد أن تتغير الأنظمة، لذلك يبدو أن المثل الشعبي «ياما في السجن مظاليم» لم يأتِ من فراغ.

back to top