ربِّ... هديت الزعماء...فاهدِ الشعوب
قادة دول منطقتنا أظهروا حِكمة وبُعد نظر في تعاملهم مع ما يمكن تسميته بكل ثقة بمخططات ومؤامرات الائتلاف الصهيوني- الأميركي لزعزعة الاستقرار وزرع بذور الفتنة والتنافر بين شعوب ودول المنطقة.
الهجمة «الإلكترونية» التي حدثت قبل أشهر ضد الشيعة وضد إيران، والتي ترافقت مع العدوان البربري الإسرائيلي على جنوب لبنان، لم تكن في نظري إقليمية، أو على الأقل لم تكن إقليمية بحتة. فكمية العداء والكُره التي تم بثها وترويجها في ذلك الوقت تعدَّت تماماً أي خلاف أو حتى صراع طائفي أو قومي عرفناه. كما أن كم ونوع الشتائم التي استُخدمت لم يكن مُتناسباً على الإطلاق مع المعتقدات والأخلاقيات التي عُرفت بها الجماعات الدينية أو القومية عندنا. كان واضحاً، ولا يزال، أن مصدر معظم تلك الحسابات التي تولَّت الردح والشتم هي حسابات وهمية غالبها من خارج المنطقة، ولا تمُت لأهلها بصلة.
منطقتنا لم تشهد على مدى تاريخها صراعاً طائفياً حقيقياً بين الشيعة والسُّنة، كالصراع الدموي الذي حدث في القرون الوسطى بين البروتستانت والكاثوليك في أوروبا مثلاً. بل كانت كل الصراعات تحكمها دوافع سياسية ومطامع شخصية. وحتى وقتها وعندها لم يطرح الأمر الطائفي كما هو هذه الأيام. الصراع الطائفي الوحيد هو ما حدث ويحدث مع الأسف حالياً في سورية بين الطائفة العلوية والمتشددين من السُّنَّة. وفي اعتقادي أيضاً هو ليس صراعاً محلياً، أي سورياً خالصاً، بل هو صراع خارجي تغذيه، مع الأسف، بعض أطراف المنطقة، سُنة وشيعة، وتفرضه سياسة تصدير الأزمات التي تنتهجها بعض البلدان، وتستغله القوى الصهيونية الغربية المُعادية لدول المنطقة.
حسناً فعل الرئيس الإيراني بمبادرة التواصل مع جيرانه، وحسناً فعل الزعماء العرب الذين ردوا التحية، فالوضع لا يحتمل حتى الوقوف على الحياد. فالأعداء يتربصون بشعوب المنطقة، ونتنياهو لا يزال عند وعده بتغيير خريطة الشرق الأوسط، ودونالد ترامب لا يزال يعتقد أن السبيل لإنقاذ الاقتصاد الأميركي والتغلب على عجز الميزانية الأميركية يكمن في ثروات الغير، خصوصاً نفط وصناديق السيادة لدول الخليج.