كيف كان ابن سينا يعبد الله؟

نشر في 08-04-2025
آخر تحديث 07-04-2025 | 18:43
 د. نجم عبدالكريم

سألت المذيعة الأديب يوسف زيدان:

- كيف تمضي وقتك في رمضان؟!

- أنا أعبد ربي بنفس أسلوب ابن سينا.

- وهل هو مختلف عن عبادة المسلمين؟!

- له مميزات خاصة.

- ممكن أن تُعطينا أحد الأمثلة؟!

- لا أستطيع، لأن الأمر يحتاج إلى شرحٍ قد يطول.

- لو أعطيتنا شيئاً بسيطاً؟

- قلت لك شرحه طويل.

***

انتهى الحوار عند هذا الحد، في وقت أخذت التساؤلات بداخلي تتدافع لتعرف، هل لابن سينا أسلوب خاص في عبادته لله - جل وتبارك؟

***

لم أستفد من حوارات عابد الجابري وجورج طرابيشي حول ابن سينا، فأخذت أبحث في مراجع أخرى لأكتشف أن إيمان ابن سينا بربه هو جزء لا يتجزأ من فلسفته، لكنه لم يكن إيماناً تقليدياً بحتاً، بل يمزج بين الدين والعقل، فابن سينا يعتمد الفلسفة الأرسطوالية والأفلاطونية الحديثة، مع تكييفها لتتماشى مع الدين الإسلامي.

***

وفي كتابيه «الشفاء» و»النجاة»، قدَّم برهانه الشهير على وجود الخالق، وهو المعروف بـ «برهان الوجود»، فابن سينا يؤمن بأن الله هو مصدر كل الوجود، وهو - جل وعلا - المتعالي أزلياً.

وهذا الرأي لابن سينا أثار جدلاً بين المُتكلمين المسلمين، مثل الغزالي، الذي انتقده في «تهافت الفلاسفة»، لأنه بدا وكأنه يُناقض فكرة الخلق من العدم.

***

ومع ذلك، ومع كثرة ما وُجِّه لابن سينا من تُهم، فهو لم يكن مُلحداً أو مُشككاً، بل كان مؤمناً بطريقته الفلسفية، وقد أكد في كل كتاباته أن الله هو الحقيقة المُطلقة، والكمال النهائي، وأن العقل البشري قادرٌ على إدراك وجوده، من خلال التأمل في نظام الكون. وربط ابن سينا بين الله والخير، مُعتبراً أن الشر ليس جوهراً قائماً بذاته، بل هو غياب الخير.

***

قيامي ببحثٍ كهذا - وقد اختصرته جداً - أطلعني على الكثير من الآراء والاجتهادات التي يقوم بها العديد من الفلاسفة والمفكرين والأدباء، والتي كانت تحمل أفكاراً حول أسلم السُّبل التي تؤدي بالإنسان إلى طريق الإيمان الصحيح، جعلتني أُعيد النظر في أمورٍ موروثة درجتُ على اعتيادها.

وتبيَّن لي أن هناك ما هو أكثر نُضجاً منها، ولم أكن أعرفه، لهذا فإن الاجتهاد بالبحث عمَّا يُعزز الإيمان أكثر هو من صلب العبادة الصحيحة.

back to top